مرّ ، ولا عوضا عن المضاف إليه ، إذ لا إضافة ، ولا عن الفتحة نصبا ، كما قيل ، وإلا لم يوجد في الرّفع والجرّ ، على أنّ الفتحة قد عوّض عنها الكسرة ، فما هذا العوض الثاني ؛ فتعيّن كونه للمقابلة ، وهو معنى مناسب يمكن اعتبارة.
الرابع : تنوين العوض ، وهو اللاحق للاسم عوضا عن حرف أصلي أو زائد ، ومضاف إليه ، مفردا أو جملة.
فالأوّل كجوار وغواش ، فالتّنوين فيهما عوض عن الياء المحذوفة على الصحيح ، وهو مذهب سيبويه ، والجمهور لا عن ضمّة الياء وفتحتها النائبة عن الكسرة خلافا للمبرّد (١) ، ولا هو تنوين صرف لصيرورته بعد الحذف ، مثل سلام وكلام عند قطع النظر عن المحذوف خلافا للأخفش.
والثّاني : كجندل (٢) ، فإنّ تنوينه عوض عن الألف في جنادل ، قاله ابن مالك. قال ابن هشام : والّذي يظهر أنّه للصّرف ، ولهذا يجرّ بالكسرة.
الثّالث : تنوين كلّ وبعض وأيّ ، إذا حذف مضاف إليها ، نحو (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) [الأنبياء / ٣٣] ، (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة / ٢٥٣] ، (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء / ١١٠]. والمحقّقون على أنّ التنوين في ذلك للتمكين رجع لزوال الإضافة الّتي كانت تعارضه.
الرابع : اللاحق لإذ ، في نحو : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) [الواقعة / ٨٤] ، أي حين إذ بلغت الروح الحلقوم ، فحذفت الجملة المضاف إليها تخفيفا ، وعوّض عنها التّنوين ، وكسرت الذّال للساكنين. وقال الأخفش : هو للتمكين ، والكسرة إعراب المضاف إليه ، وإنّما اختصّ الاسم بهذه الأقسام الأربعة من التنوين ، لأنّها لمعان لا توجد إلا فيه.
وأمّا النوعان الآخرآن ، فأحدهما : تنوين الترنّم ، وهو اللاحق للقوافي المطلقة ، بدلا من حرف الإطلاق ، وهو الألف والواو والياء في إنشاد كثير من تميم كقوله [من الوافر] :
١٥ ـ ... |
|
وقولي إن أصبت لقد أصابن (٣) |
__________________
(١) محمد بن يزيد أبو العباس المبرّد إمام العربيّة ببغداد ، له من التصانيف : معاني القرآن ، الكامل ، المقتضب و... مات سنة ٢٨٥ ه. بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.
(٢) الجندل : الصخرة ، والجمع جنادل.
(٣) صدره «أقلّي اللّوم عاذل والعتابن» ، وهو لجرير ، اللغة : أقلّي : أراد منه في هذا البيت معنى أتركي ، اللوم : العذل والتعنيف. عاذل : اسم فاعل مؤنّث بالتاء المحذوفة للترخيم ، وأصله عاذلة من العذل ، وهو اللوم في تسخط ، العتاب : التقريع علي فعل شيء أو تركه.