مبدوّة باسم ، أو يكون جملة «إنشائية» غير محتملة للتصديق والتكذيب ، «أو» يكون «فعلا جامدا» كعسى وليس ، أو يكون فعلا «ماضيا مقرونا بقد» لفظا أو تقديرا ، ومثّل لذلك على طريقة اللف والنشر المرتب (١) فقال : «نحو إن تقم فأنا أقوم» ، قيل : ومثله قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام / ١٧] ، وإن تقم «فأكرمني» ومثله قوله : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ) [الجن / ١٣] ، فيمن قرأ بالجزم على أنّ لا ناهية «أو» إن تقم «فعسى أن أقوم» ومثله قوله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) [الكهف / ٣٩] ، أو إن تقم فقد قمت ، ومثله قوله تعالى : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) [يوسف / ٧٧].
ومثال المقرون بقد تقديرا قوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) [يوسف / ٢٦] ، أي فقد صدقت. والّذي لم يذكره المصنّف أن يكون مقرونا بحرف استقبال ، نحو : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ) [المائدة / ٥٤] ، (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) [آل عمران / ١١٥] ، أو مقرونا بحرف له الصدر كما النافيه ، نحو : (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) [يونس / ٧٢] ، وربّ كقوله [من الوافر] :
٧٣٢ ـ فإن أهلك فذي لهب لظاه |
|
على يكاد يلتهب التهابا (٢) |
لما عرفت من أنّ ربّ مقدّرة ، وأنّ لها الصدر.
فهذه ستّ مسائل ، يمتنع جعل الجواب فيها شرطا ، وأفهم كلامه أنّه إذا لم يمتنع جعل الجواب شرطا لم تكن الفاء لازمة له. قال ابن مالك : وإن اقترن بها فعلى خلاف الأصل ، وينبغي أن يكون خبر مبتدإ محذوف ، ولو لا ذلك لحكم بزيادة الفاء وجزم الفعل ، إن كان مضارعا ، لأنّ الفاء على ذلك التقدير زائدة في تقدير السقوط ، لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها فعلم أنّها غير زائدة ، وأنّها داخلة على المبتدإ مقدّر ، كما تدخل على مبتدأ مصرّح به ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) [الجن / ١٣]. ومثله قراءة حمزة : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) [البقرة / ٢٨٢]. ووقع لابنه في شرح الخلاصة أنّ ما بعد الفاء هو الجواب ، والأوّل هو التحقيق.
__________________
(١) اللفّ والنشر : هو ذكر متعدّد على التفصيل أو الإجمال ثمّ ما لكلّ واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يردّه إليه نحو : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)[القصص / ٧٣] انظر : الخطيب القزويني ، شرح المختصر ، الجزء الثاني ، د ط ، منشورات دار الحكمه ، ص ١٥٣.
(٢) هو لربيعة بن مقروم. اللغة : اللظى : النار ، تلتهب : تتوقّد وتشتعل.