نحو : لولا تأتينا تحدّثنا ، والتقدير إن تغفر لي أدخل الجنة ، وإن تزرني أحسن إليك وإن يكن لي مال أنفقه ، وإن تترل عندنا تصب خيرا ، وإن تأتنا تحدّثنا.
قال أبو حيّان في الإرتشاف : وسمع الجزم بعد الترجّي ، واستشهد له في شرح التسهيل بقول الشاعر [من الطويل] :
٧٣٨ ـ لعلّ التفاتا منك نحوي ميّسر |
|
يمل بك من بعد القساوة لليسر (١) |
تنبيهات : الأوّل : لا فرق في الأمر بين أن يكون صريحا كما مرّ ، أو مدلولا عليه بخبر نحو : اتّق الله امرء خيرا يثب عليه ، أي إن يتّق ، أو اسم فعل كقوله [من الوافر] :
٧٣٩ ـ ... |
|
مكانك تحمدي أو تستريحي (٢) |
أي إن تثبتي تحمدي ، أو بجملة اسميّة ، نحو : أين بيتك أزرك ، أي إن تخبرني أزرك ، قال أبو حيّان : وقال بعض أصحابنا : الفعل الخبريّ لفظا ، الأمريّ معنى ، لا ينقاس ، إنّما هو موقوف على السماع ، والمسموع اتّق الله امرء فعل خيرا يثب عليه.
الثاني : ما ذكره من أنّ المضارع مجزوم بعد الطلب بأن مقدّرة هو مذهب الجمهور ، وذهب الخليل وسيبويه وابن خروف إلى أنّه مجزوم بنفس الطلب لما تضّمنه من معنى أنّ الشرطية ، كما أنّ أسماء الشرط إنّما جزمت لذلك ، واختاره ابن مالك ، وجرى عليه ابن هشام في شرح القطر ، وذهب السيرافيّ إلى أنّه بالطلب لنيابته مناب الجوازم الّذي هو الشرط المقدّر ، كما أن النصب بضربا في قولك : ضربا زيدا لنيابته عن اضرب لا لتضمّنه معناه ، وصحّحه ابن عصفور. قال ابن هشام في المغني : والأوّل أرحج من الثاني ، لأنّ الحذف والتضمين وإن اشتركا في أنّهما خلاف الأصل ، لكن في التضمين تغيير معنى الأصل ، ولا كذلك الحذف ، وأيضا فإنّ تضمين الفعل معنى الحرف إمّا غير واقع أو غير كثير ، وأرجح من الثالث ، لأنّ نائب الشيء يؤدّي معناء ، والطلب لا يؤدّي الشرط.
الثالث : إذا لم تقصد السببيّة بعد الطلب وجب رفع المضارع على أنّه حال نحو : (ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام / ٩١] ، أو نعت ، نحو : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي) [مريم / ٥] ، على قراءة الرفع ، والاستئناف نحو : لا تذهب به تغلب عليه.
«ومن ثمّ» أي ومن أجل اعتبار قصد السببيّة «امتنع» قوله : «لا تكفر تدخل النار بالجزم» لتدخل «فساد المعنى» ، لأنّ عدم الكفر لا يكون سببا لدخول النار ، إذ التقدير إن
__________________
(١) لم يسمّ قائله.
(٢) صدره «وقولي كلّما جشأت وجاشت» ، وهو لعمرو بن الإطنابة. اللغة : جشأت : تطلعت ونهضت جزعا وكراهة ، جاشت : علت من الفزع أو الحزن.