أي تزعمونهم شركاء ، وتحسبه عارا على.
وأما حذفها اقتصارا فاختلفوا فيه على أقوال :
أحدها : المنع مطلقا ، وعليه الأخفش والجرميّ وابن خروف وشيخه ابن طاهر والشلوبين ، ونسبه ابن مالك لسيبويه لعدم الفائدة ، إذ لا يخلو الانسان من ظنّ ما أو علم ما ، فاشبه قولك : النار حارّة.
الثاني : الجواز مطلقا ، وعليه أكثر النّحويّين ، منهم ابن السّراج والسيرافيّ ، وصحّحه ابن عصفور لوروده ، قال تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة / ٢١٦] ، و (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) [النجم / ٣٥] ، أي يعلم ، وقال تعالى : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) [الفتح / ١٢] ، وحكى سيبويه : من يسمع يخل ، وما ذكر من عدم الفاعدة ممنوع لحصولها بالإسناد إلى الفاعل.
الثالث : الجواز في أفعال الظّنّ دون أفعال العلم ، وعليه الأعلم ، واستدلّ بحصول الفائدة في الأوّل دون الثاني ، فإنّ الإنسان قد يخلو من الظّنّ ، فيفيد قوله : ظننت أنّه وقع منه ظّن ، ولا يخلو من علم ، إذ له أشياء يعلمها ضرورة كعلمه أنّ الاثنين أكثر من الواحد ، فلم يفد قوله : علمت شيئا ، وردّ بأنّه يفيد وقوع علم ما لم يكن يعلم.
الرابع : المنع قياسا ، والجواز في بعضها سماعا ، وعليه أبو العلاء إدريس (١) ، فيجوز في ظنّ وخال وحسب لوروده فيها ، ويمنع في الباقي ، ونسبه لسيبويه.
تنبيه : جرت عادة النّحويّين أن يقولوا بحذف المفعول اختصارا أو اقتصارا ، ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ، وبالاقتصار الحذف لغير دليل ، ويمثّلونه بنحو : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) [البقرة / ٦٠] ، أي أوقعوا هذين الفعلين ، وقول العرب : من يسمع يخل ، أي يقع منه خيلة ، والتحقيق أن يقال : إنّه تارة يتعلّق الغرض بالإعلام بمجرّد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ، أو من أوقع عليه ، فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عامّ ، فيقال : حصل حريق أو نهب ، وتارة يتعلّق بالإعلام بمجرّد إيقاع الفاعل للفعل ، فيقتصر عليها ، ولا يذكر المفعول ، ولا ينوى ، إذ المنوي كالثابت.
ولا يسمّى محذوفا ، لأنّ الفعل ينزّل بهذا القصد مترلة ما لا مفعول له ، ومنه : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة / ٢٥٨] ، إذ المعنى ربّي الّذي يفعل الإحياء والإماتة. وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله ، فيذكر أنّ نحو : ما أحسن زيدا ، وهذا النوع الّذي إذا لم يذكر مفعوله قبل محذوف ، قاله في المغني.
__________________
(١) إدريس بن محمد بن موسى الأنصاريّ القرطبيّ أبو العلا ، نحويّ أديب ، مات سنة ٦٧٤ ه. بغية الوعاة ١ / ٤٣٦.