٧٨٤ ـ فقلت أجرني أبا مالك |
|
وإلا فهبني امرء مالكا (١) |
وهي جامدة ، ولم تستعمل فيما سوي الأمر ، والغالب تعديتها إلى صريح المفعولين كما في البيت ، ووقوعها على أن وصلتها نادر ، حتّى زعم الحريريّ أنّ قول الخواصّ : هب أنّ زيد قائم لحن. قال ابن هشام ، وذهل عن قول القائل : هب أنّ أبانا كان حمارا ونحوه.
وأنكر البصريّون تعديتها إلى مفعولين ، واضطرب فيها ابن عصفور ، فمرّة قال :
يتعدّى إلى واحد بدليل تنكير الثاني ، ومرّة قال يتعدّى إلى اثنين بدليل مجيئه معرفة ونكرة. إلا أنّه جعله أمرا من وهب الّتي بمعنى صيّر.
«وعلم ورأى» وهما «للأمرين» أي الظنّ واليقين و «الغالب» منهما «اليقين» ، نحو قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) [محمد / ١٩] ، (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) [الممتحنة / ١٠] ، فالأولى لليقين ، والثانية للظّنّ ، وقوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً* وَنَراهُ قَرِيباً) [المعارج / ٧ و ٨] الأولى للظّنّ ، والثانية لليقين.
«وظنّ وخال وحسب لهما» ، أي للأمرين الظّنّ واليقين «والغالب فيها الظنّ» وهو في ظنّ نحو قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) [الجاثية / ٣٢] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
٧٨٥ ـ ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا |
|
فعرّدت فيمن كان عنها معرّدا (٢) |
واليقين فيها نحو : (يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة / ٤٦] وما أحسن قول بعض الأدباء يرثي المعظم عيسى [من الرجز] :
٧٨٦ ـ أظنّ قد مات النّدي |
|
والظنّ قد يأتي بمعنى اليقين (٣) |
والظّنّ في خال كقوله [من الطويل] :
٧٨٧ ـ إخالك إن لم تغضض الطّرف ذا هوي |
|
يسومك ما لا يستطاع من الوجد (٤) |
واليقين فيها نحو قوله [من المنسرح] :
٧٨٨ ـ ما خلتني زلت بعدكم ضمنا |
|
أشكو إليكم حموّة الألم (٥) |
__________________
(١) البيت لابن همام السلولي. اللغة : أجرني : اتّخذني جارا تدفع عنه وتحميه ، هبني : عدني واحسبني.
(٢) لم ينسب البيت إلى قائل معين. اللغة : شبّت : توقّدت ، الظى. الالتهاب ، صاليا : محترقا ، عرّدت : هربت.
(٣) اللغة : الندى : الجود والسخاوة والخير.
(٤) البيت مجهول القائل. اللغة : إخال : أظن والقياس أخال ، ولكن بكسر الألف أفصح وأكثر استعمالا ، تغضض الطرف : تخفضه استحياء وخزيا ، يسوم : يذهب حيث يشاء ، الوجد : السرور.
(٥) لم يعيّن قائله. اللغة : حموة الألم : سورته.