لا ينقاس ، ولا ينبغي أن يجعل أصلا حتّى يكثر ، ولا يثبت ذلك ببيت نادر محتمل للتضمين (١) ، انتهى.
«وجعل وزعم» بفتح العين ، ومصدرها زعم ـ مثلث الزاء ـ وهما «لظّنه» أي يفيدان في الخبر ظنّا ، نحو قوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) [الزخرف / ١٩] ، وقال الشاعر [من الخفيف] :
٧٨٠ ـ زعمتني شيخا ولست بشيخ |
|
إنّما الشيخ من يدبّ دبيبا (٢) |
والأكثر وقوعها على أن وأنّ وصلتهما ، فتسدّ مسدّ مفعوليهما كما قال سيبويه والجمهور خلافا للأخفش ، حيث زعم أنّ المفعول الثاني محذوف ، وقول بعضهم : إنّ الخبر محذوف سهو ، نحو : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) [التغابن / ٧] ، وقول الشاعر [من الطويل] :
٧٨١ ـ وقد زعمت أنّي تغيّرت بعدها |
|
ومن ذا الّذي يا عزّ لا يتغيّر (٣) |
وقد يستعمل لليقين ، نحو : الله موف للناس ما زعموا ، ذكره الرضيّ ، وعبّر عنه بالتحقيق. قال السيرافيّ : والزعم قول يقترن به الاعتقاد ، صحّ أو لم يصحّ. وقال ابن دريد : أكثر ما يقع على الباطل ، وفي الإيضاح زعم بمعنى علم في قول سيبويه. وقال غيره يكون بمعنى اعتقد ، فقد يكون علما ، وقد يكون تقليدا ، ويكون أيضا ظنّا غالبا ، وقيل : يكون بمعنى الكذب قاله في الهمع.
وعدّ جماعة بمعناهما ثلاثة أفعال أخر :
أحدها : حجا والمضارع يحجو كقوله [من البسيط] :
٧٨٢ ـ قد كنت أحجو أبا عمر وأخا ثقة |
|
حتّى ألمّت بنا يوما ملمّات (٤) |
الثاني : عدّ ، أثبتها الكوفيّون وبعض البصرية ، ووافقهم ابن أبي الربيع وابن مالك ، كقوله [من الطويل] :
٧٨٣ ـ فلا تعدد المولى شريكك في الغني |
|
ولكنّما المولى شريكك في العدم (٥) |
أي لا تظنّ ، وأنكرها أكثرهم.
الثالث : هب ، أثبتها الكوفيّون وابن مالك ، كقوله [من المتقارب] :
__________________
(١) من باب التضمين حتّى هنا محذوف في «س».
(٢) البيت لأبي أميه أوس الحنفي. اللغة : يدبّ : يمشي مشيا رويدا.
(٣) البيت لكثير عزّة.
(٤) نسب هذا البيت إلى تميم بن مقبل ، وإلى أبي شنبل الأعربي. اللغة : أحجو : أظنّ ، ألمّت : نزلت ، الملمات : جمع ملمّة ، وهي النازلة من نوازل الدهر.
(٥) البيت للنعمان بن بشير. اللغة : لا تعدد : لا تظنّ ، المولى : هنا بمعنى الحليف أو الناصر ، العدم : الفقر.