وقال [من البسيط] :
٨٠٦ ـ ما جاد رأيا ولا جاد محاولة |
|
إلا امرؤ لم يضع دنيا ولا دينا (١) |
وتخريجه على مذهب الفرّاء في «قام وقعد زيد» ضعيف لضعفه وتخريجه على حذف إلا زيدا أو أنا من الأوّل لدلالة الثاني عليه فيه أيضا حذف الفاعل ، فما تنفكّ المسالة عن إشكال.
وقوله : «بعدهما» صفة ظاهرا ، أي ظاهرا واقعا بعدهما ، أي بعد العاملين ، واحترز بذلك عمّا إذا وقع قبلهما ، نحو : زيدا ضربت وأكرمت ، أو بينهما ، نحو : ضربت زيدا وأكرمت ، فإنّه يتعيّن المعمول في الصورتين ، لأن يكون للأوّل ، لأنّه طالب له من حيث المعنى ، ولم يجد معارضا ، فإذا جاء الثاني لم يكن له أن يطلبه لأنّه إنّما جاء بعد أخذ غيره له ، فلا يكون فيه مجال للتنازع.
وليس هذا بمتّفق عليه ، فقد ذهب بعض المغاربة إلى وقوع التنازع في الأوّل ، وجرى عليه الرضيّ. وعبارته : وقد يتنازع العاملان ما قبلهما إذا كان منصوبا ، نحو : زيدا ضربت وقتلت ، وإيّاك ضربت وأكرمت ، وذهب الفارسيّ إلى وقوعه في الثاني ، واستظهر المراديّ وقوعه فيهما ، واستغرب أبو حيّان القولين.
«فلك» جواب إذا «إعمال أيّهما شئت» فإن شئت أعملت الأوّل ، وإن شئت أعملت الثاني باتّفاق النّحويّين ، لأنّ كلّا مسموع ، وإنّما الخلاف في المختار كما سيأتي بيانه.
تنبيهات : الأوّل : فهم من قوله : «إذا تنازع عاملان» أنّه لا بدّ أن يكون كلّ منهما طالبا من حيث المعنى لما فرض التنازع فيه ، فلا تنازع بين «مطلت ونحبّ في الواعدين» من قول الشاعر [من الوافر] :
٨٠٧ ـ عدينا في غد ما شئت إنّا |
|
نحبّ ولو مطلت الواعدينا (٢) |
لعدم طلب كلّ منهما له ، لأنّ الممطول موعود لا واعد ، فالواعدين مفعول لنحبّ لا غير ، ومفعول مطلت محذوف ، أي ولو مطلتنا ، أو هو مترّل مترلة ما لا مفعول له ، أي ولو وقع منك مطل.
__________________
(١) لم يسمّ قائله. اللغة : جاد جودة : صار جيّدا.
(٢) هو لعبيد الله بن قيس الرقيات.