مفردا ، فعند التردّد يقدّر ما هو الأصل ، وهذا الخلاف معروف ، ولم يذكره المصنّف في المسالة السابقة ، وأحال عليه لشهرته ، وفي قوله : وينبغي إشعار بأنّهم لم يصرّحوا بإجراء الخلاف في عامل المصدر من نحو : إنّما أنت سيرا ، وهو مثل مسالة الظرف من غير فرق ، فينبغي جريان الخلاف فيه أيضا.
«وقد لا تكون» الجملة «صغرى ولا كبرى ، كقام زيد» وزيد قائم ، وأ في الدار زيد؟ وأعندك زيد؟ إذ لم يصدق عليها تعريفها.
تنبيهات : الأوّل : قال ابن هشام في المغني ، وقد عبّر بقوله به صغرى وكبرى ، كما فعل المصنّف ، إنّما قلت : صغرى وكبرى موافقة لهم ، وإنّما الوجه استعمال فعلى أفعل بأل أو بالاضافة ، ولذلك لحّن من قال [من البسيط] :
٨١٩ ـ كأنّ صغرى وكبرى من فقاقعها |
|
حصباء درّ على أرض من الذهب (١) |
وقول بعضهم : إنّ من زائدة ، وإنّهما مضافان على حدّ قوله [من المنسرح] :
٨٢٠ ـ ... |
|
بين زراعي وجبهة الأسد (٢) |
يردّه أنّ الصحيح أن من لا تقحم في الإيجاب ، ولا مع تعريف المجرور ، لكن ربّما استعمل أفعل التفضيل الّذي لم يرد به المفاضلة مطابقا مع كونه مجرّدا ، قال يهجو [من الطويل] :
٨٢١ ـ إذا غاب عنكم أسود العين كنتم |
|
كراما وأنتم ما أقام ألائم (٣) |
أي لئام ، فعلى ذلك يتخرّج البيت ، وقول النّحويّين صغرى وكبرى ، وكذلك قول العروضيّين فاصلة صغرى ، وفاصلة كبرى ، انتهى.
في هذا الجواب نظر ، قال في الجامع (٤) لا يطّرد تأويل اسم التفضيل بما لا مشاركة فيه نحو : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ) [الإسراء / ٢٥] ، (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم / ٢٧] ، خلافا للمبرّد. وقال ابن مالك في التسهيل : استعماله عاريا دون من وأن مجرّدا عن معنى التفضيل مؤوّلا باسم فاعل أو صفة مشبّهة مطّرد عند أبي العباس ، والأصحّ قصره على السماع ، انتهى. لكن قال ابن عقيل في شرحه : الوجه أنّ ذلك مطّرد ، وعلى ذلك المتأخّرون.
__________________
(١) هو لأبي نواس : اللغة : الفقاقع : جمع فقّاعة وهي نفّاخات ترتفع على سطح الماء والشراب ، الحصباء : هي صغار الحصي.
(٢) صدره «يا من رأي عارضا أسرّ به» ، وهو للفرزدق. اللغة : العارض : السحاب ، ذراعا الأسد : الكوكبان الدالان على المطر وكذا جبهه الأسد والذراعان والجبهه من منازل القمر.
(٣) هو للفرزدق. اللغة : أسود العين : اسم جبل ، ألائم : جمع ألأم بمعنى اللئيم.
(٤) جامع النحو لعبد الله بن مسلم بن قتيبة النحوي المتوفى سنة ٢٦٧ ه. كشف الظنون ١ / ٥٧٥.