«ثمّ» الجملة بالنسبة إلى الوصفيّة وعدمها قسمان ، لأنّها «إن وقعت خبرا» عن مبتدإ «فاسمها جملة صغرى» أو تسمّى جملة صغرى ، «وإن كان خبر المبتدإ فيها» أي في الجملة «جملة» اسميّة أو فعلية «فكبرى» ، نحو قولك : «زيد قام أبوه» أو أبوه قائم ، «فقام أبوه» أو أبوه قائم جملة «صغرى» ، لأنّها وقعت خبرا عن مبتدإ ، وهو زيد ، «والجميع» من المبتدأ والجملة الّتي هي خبره جملة «كبرى» ، لأنّ خبر المبتدإ فيها جملة.
«وقد تكون» الجملة «صغرى وكبرى باعتبارين كما في نحو» : زيد أبوه غلامه منطلق. فمجموع هذا الكلام جملة كبرى لا غير ، وغلامه منطلق صغرى لا غير ، لأنّها خبر ، وأبوه غلامه منطلق كبرى باعتبار غلامه منطلق ، وصغرى باعتبار جملة الكلام.
قال ابن هشام : ومثله (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [الكهف / ٣٧] ، إذ الأصل لكنّ أنا هو الله ربّي ، ففيها أيضا ثلاثة مبتداءات ، إذا لم يقدّر هو ضميرا له سبحانه ، ولفظ الجلالة بدل منه أو عطف بيان عليه ، كما جزم به ابن الحاجب ، بل قدّر ضمير شأن ، وهو الظاهر ، ثمّ حذفت همزة أنا حذفا اعتباطيّا ، وقيل : حذفا قياسيا بأن نقلت حركتها : ثمّ حذفت ، ثمّ أدغمت نون لكن في نون أنا.
تنبيهات : الأوّل : الجملة الكبرى كما تكون مصدّرة بالمبتدإ ، كما مرّ ، تكون مصدّرة بالفعل ، نحو : ظننت زيدا يقوم أبوه ، وتفسير المصنّف شامل لذلك ، وأمّا تفسير غيره بأنّها الاسميّة الّتي خبرها جملة ، فغير مطّرد لخروج المصدرة بالفعل.
الثاني : قال ابن هشام في المغني : قد يحتمل الكلام الكبرى وغيرها ولهذا النوع أمثلة :
أحدها : نحو : (أَنَا آتِيكَ بِهِ) [النمل / ٣٩] ، إذ يحتمل أن يكون فعلا مضارعا ومفعولا ، وأن يكون اسم فاعل ومضافا إليه مثل : (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ) [هود / ٧٦] ، (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم / ٩٥] ، ويؤيّده أنّ أصل الخبر الإفراد ، وأنّ حمزة يميل الالف من آتيك ، وذلك ممتنع على تقدير انقلابها من همزة.
الثاني : نحو : زيد قائم أبوه ، إذ يحتمل أن يقدّر أبوه مبتدأ ، وأن يقدّر فاعلا بقائم.
الثالث : نحو : زيد في الدار ، إذ يحتمل تقدير استقّر ، وتقدير مستقرّ.
الرابع : نحو : إنّما أنت سيرا ، إذ يحتمل تقدير تسير وتقدير سائر ، وينبغي أن يجري هنا الخلاف الّذي في المسالة قبلها ، انتهى.
قال الدمامينيّ : يشير إلى الخلاف الّذي جرى فيما يتعلّق به الظرف من نحو : زيد في الدار ، هل هو فعل نظرا إلى أنّ الأصل في العمل الأفعال ، فعند الاحتمال يكون الأولى تقدير ما هو الأصل ، أو هو اسم فاعل مثلا نظرا إلى أنّه خبر ، وأصل الخبر أن يكون