وزعم ابن عصفور في المقرّب أنّها في ذلك حرف يربط جملة القسم بجملة المقسم عليه ، والّذي نصّ عليه سيبويه أنّها زائدة ، ونصّ في موضع آخر من الكتاب على أنّها بمترلة القسم الموطّئة ، وقال أبو حيّان : الّذي أذهب إليه في أن هذه غير هذه المذاهب الثلاثة ، وهو إنّها المخفّفة من الثقيلة ، وهي الّتي وصلت بلو كقوله تعالى : (أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) [الجن / ١٦] ، وتقديره أنّه إذا قيل : أقسم أن لو كان كذا لكان كذا ، فمعناه أقسم أنّه لو كان كذا لكان كذا ، ويكون الفعل القسميّ قد وصل إليها على إسقاط حرف الجرّ ، أي أقسم على أنّه لو كان ، فصلاحيّة أن المشدّدة تدلّ على أنّها مخفّفة ، انتهى.
وتقع في غير الغالب في مواضع :
أحدها : بين الكاف ومجرورها ، وهو نادر كقوله [من الطويل] :
٩٢٠ ـ ... |
|
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (١) |
في رواية من جرّ ظبية.
الثانى : بعد إذا ، ذكره ابن مالك في شرح العمدة دون سائر كتبه ، وتبعه ابن هشام في المغني ، والسيوطي في الهمع ، كقوله [من الطويل] :
٩٢١ ـ فأمهله حتّى إذا أن كأنّه |
|
معاطي يد من لجّة الماء غارف (٢) |
الثالث : بعد حتّى نحو : قد كان ذلك حتّى أن كان كذا ، جزم به أبو حيّان في الإرتشاف ، وقال : إنّه مطّرد ، ولم يذكره غيره.
الرابع : بعد كي ، نحو : جئت لكي أن أكرمك ، وهو شاذّ ، وقاسه الكوفيّون.
تنبيه : معنى كون اللفظ زائدا أنّ أصل المعنى لا يختلّ بحذفه كذا قيل ، قال بعضهم : وهذا البيان يوجب كون نحو أن ولام الابتداء زائدا ، ولذا لم يكتف به الرضيّ ، وزاد مع أنّه لم يفد المعنى الّذي وضعه الواضع له ، فكأنّه لم يفد شيئا بخلاف أن واللام وألفاظ التوكيد أسماء كانت أو لا ، فإنّها باقية على ما وضعت له ، ويفهم من كلامه هذا أنّ المعنى الّذي تفهمه الحروف الزوائد من عوارض الاستعمال.
__________________
(٢) صدره «ويوما توافينا بوجه مقسّم» ، ونسب لباغت بن صريم ولكعب بن أرقم و... اللغه : توافينا : تجيئنا. بوجه مقسم : بوجه جميل حسن. وارق السلم : شجر السلم المورق.
(٣) هو لأوس بن حجر ، يصف بها رجلا بالإصطياد. اللغة : المعاطي : اسم فاعل من المعاطاة بمعنى المناولة ، اللجة : معظم البحر وتردد أمواجه.