والجمهور على أنّ الجملة بعد بينا وبينما مضاف إليها نفسها دون حذف مضاف ، وأنّها في موضع جرّ ، ومقتضاه أنّ ما غير كافّة عن الإضافة وكذا الألف. وذهب قوم إلى أنّ ما والألف كافّتان ، والجملة بعدهما لا موضع لها من الإعراب ، والأوّل هو التحقيق ، وليست بينا محذوفة من بينما ، ولا ألفها للتأنيث خلافا لزاعمي ذلك.
«وهل هي» يعني إذ «حينئذ» أي حين إذ وردت للمفاجاة بعد بينما وبينا «ظرف» مكان أو زمان ، «أو حرف» يدلّ على المفاجاة في غيره أو مؤكّد أي زائد ، فيه «خلاف» ، فإذا قلت : بينا أو بينما أنا قائم ، إذ أقبل عمرو ، فعلى القول بزيادة إذ يكون الفعل الواقع بعدها هو العامل في بينا أو بينما ، كما يكون ذلك لو كانت إذ غير موجودة ، وهو واضح ، وعلى القول بأنّها حرف مفاجاة بعدها أو ظرف ، لا يمكن أن يعمل ما بعدها فيما قبلها ، لكن إذا قلنا بأنّها حرف مفاجاة (١) ، فالعامل في بينا وبينما فعل محذوف يفسّره ما بعد إذ ، وهو أقبل في المثال المذكور.
وعلى القول بالظرفيّة فقال ابن جنّي : عاملها الفعل الّذي بعدها ، لأنّها غير مضافة إليه ، وعامل بينا وبينما محذوف يفسّره الفعل المذكور ، وقال الشلوبين : إذ مضافة للجملة ، ولا يعمل فيها الفعل ولا في بينا وبينما ، لأنّ المضاف إليه لا يعمل في المضاف ولا فيما قبله ، وإنّما عاملها محذوف ، يدلّ عليه الكلام ، وإذ بدل منهما ، وقيل : العامل ما يلي بين ، بناء على أنّها مكفوفة عن الإضافة إليه ، كما يعمل تإلى اسم الشرط فيه ، وقيل : بين خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير في المثال بين أوقات قيامي إقبال عمرو ، ثمّ حذف المبتدأ مدلولا عليه بأقبل عمرو ، وقيل : مبتدأ ، وإذ خبره ، والمعنى حين أنا قائم حين أقبل عمرو.
تنبيه : ترد إذ للتعليل كقوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الزخرف / ٣٩] ، أي لن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب لأجل ظلمكم في الدنيا ، وهل هذه حرف بمترلة لام العلّة أو ظرف ، والتعليل مستفاد من قوّة الكلام ، لا من اللفظ ، فإنّه إذا قيل : ضربته إذ أساء ، وأريد الوقت ، اقتضى ظاهر الحال أنّ الإساءة سبب الضرب؟ قولان ، والجمهور على الثاني.
__________________
(١) في «ح» من أو ظرف حتّى هنا محذوف.