تقضيه أو مناف لما تقتضيه التسوية ، وتبعه على ذلك ابن هشام في المغني ، فقال : لا يجوز العطف بعد همزه التسوية قياسا ، وقد أولع الفقهاء وغيرهم بأن يقولوا : سواء كان كذا أو كذا ، والصواب الإتيان بأم ، قال : وفي الصحاح تقول : سواء على قمت أو قعدت ، وهو سهو ، وفي الكامل للهذليّ (١) أنّ ابن محيصن (٢) قرأ من طريق الزعفرانيّ (٣) : أولم تنذرهم [البقرة / ٦] ، وهو من الشذوذ بمكان ، انتهى.
قال الرضيّ ، ردّا على الفارسيّ : ويردّ عليه أنّ معنى أم أحد الشيئين أو الأشياء ، فيكون معنى سواء علىّ قمت أم قعدت ، سواء علىّ أيّهما فعلت ، أي الّذي فعلت لتجرّد أي عن معنى الاستفهام ، هذا أيضا ظاهر الفساد ، وإنّما لزمه ذلك في أو وفي أم ، لأنّه جعل سواء خبرا مقدّما ، ما بعده مبتدأ ، والوجه أن يكون سواء خبر مبتدإ محذوف ، تقديره : الأمران سواء علىّ ، ثمّ بيّن الأمرين بقوله : أقمت أم قعدت ، والمعنى إن قمت وإن قعدت ، والجملة الاسميّة المتقدّمة دالّة على جزاء الشرط ، أي إن قمت أو قعدت فالأمران سواء عليّ ، انتهى.
وفي قوله : إنّ معنى أم أحد الشيئين أو الأشياء مسامحة ، إذ هي موضوعة لعطف أحد الشيئين أو الأشياء مرادا به من حيث هو أحدهما أو أحدها وليس معناها نفس أحد الشيئين أو الأشياء.
وفي البديع قال سيبويه : إذا كان بعد سواء همزة الاستفهام ، فلا بدّ من أم ، اسمين كانا أو فعلين ، تقول : سواء علىّ أزيد في الدار أم عمرو ، وسواء علىّ أقمت أم قعدت ، وإذا كان بعدها فعلان بغير ألف الاستفهام ، عطف الثاني بأو ، تقول : سواء علىّ قمت أو قعدت ، فتقديره إن قمت أو قعدت ، فهما علىّ سواء ، فعلى هذا سواء خبر مبتدإ محذوف ، أي الأمران سواء ، والجملة دالّة على جواب الشرط المقدّر ، انتهى. قال الدمامينيّ : بذلك تتبيّن صحّة قول الفقهاء ، وكان ابن هشام توهّم أنّ الهمزة لازمة بعد كلمة سواء في أول جملتيها ، وليس كذلك ، انتهى.
ولا خلاف في جواز (٤) العطف بأو بعد همزة الاستفهام قياسا ، ويكون الجواب عن الاستفهام بنعم أو بلا ، وذلك أنّه إذا قيل : أزيد عندك أو عمر؟ فالمعنى أحدهما عندك أم لا؟ وإن أجبت بالتعيين صحّ ، لأنّه جواب وزيادة ، ويقال : الحسن أو الحسين أفضل أم
__________________
(١) الكامل في القراءات الخمسين ـ لأبي القاسم يوسف بن على بن عبادة الهذليّ المغربيّ المتوفي سنة ٤٦٥ ه وهو مشتمل على خمسين قراءة. كشف الظنون ٢ / ١٣٨١.
(٢) محمد بن عبد الرحمن بن محيصن أعلم قرّاء أهل مكة بالعربية ، انفرد بحروف خالف فيها المصحف ، فترك الناس قراءته ، ولم يلحقوها بالقراءات المشهورة. الأعلام للرزكلي ، ٦ / ١٨٩.
(٣) محمد بن يحيي أبو الحسن الزعفرانيّ النحويّ البصريّ ، قرأ على الفارسيّ الكتاب ، بغية الوعاة ١ / ٢٦٨.
(٤) سقط جواز فى «ح».