شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) [لقمان / ٢٧] ، وقالوا : إنّما ذاك في الخبر المشتقّ لا الجامد كالّذي في الأية وفي قوله [من البسيط] :
١٠١٧ ـ ما أطيب العيش لو أنّ الفتى |
|
حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم (١) |
وردّ ابن مالك قول هؤلاء بأنّه قد جاء اسما مشتقّا كقوله [من الرجز] :
١٠١٨ ـ لو أنّ حيّا مدرك الفلاح |
|
أدركه ملاعب الرّماح (٢) |
قال ابن هشام في المغني : وقد وجدت آية في التتريل ، وقع فيها الخبر اسما مشتقّا ، ولم يتنبّه لها الزمخشريّ ، كما لم يتنبّه لآية لقمان ، ولا ابن الحاجب ، وإلا لما منع من ذلك ، ولا ابن مالك ، وإلا لما استدلّ بالشعر ، وهي قوله تعالى : (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) [الأحزاب / ٢٠] ، ووجدت آية ، الخبر فيها ظرف ، وهي : (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) [الصافات / ١٦٨] ، انتهى.
قال الدمامينيّ في شرحه قول المصنّف : ولو حينئذ بقصور نظر هؤلاء الأئمة وتبجّح بالاهتداء إلى ما لم يهتدوا إليه ، ثمّ بأن أنّ ما اهتدى إليه دونهم ليس بشيء ، وذلك لو في هذه الأية الّتى أوردها ليست ممّا الكلام فيه ، لأنّها مصدريّة أو للتمنّي ، والكلام أنّما هو في لو الشرطيّة ، قال الرضيّ في شرح الحاجبيّة : أمّا قوله تعالى : (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ ،) فلأنّ لو بمعنى أن المصدريّة ، ولييست بشرطيّة لمجيئها بعد فعل دالّ على التمنّي. وقال ابن الحاجب في منظومته [من الرجز] :
١٠١٩ ـ لو أنهّم بادون في الأعراب |
|
لو للتّمنّي ليس من ذا الباب |
انتهى :
قال السيوطيّ في الإتقان (٣) : وأعجب من ذلك أنّ مقالة الزمخشريّ سبقه إليه السيرافيّ ، وهذا الاستدراك وما استدرك به منقول قديما في شرح الإيضاح لابن الخبّاز ، لكن في غير مظنّته ، فقال في باب إنّ وأخواتها ، قال السيرافيّ : تقول : لو أنّ زيدا قام لأكرمته ، ولا يجوز لو أنّ زيدا حاضر لأكرمته ، لأنّك لم تلفظ بفعل يسدّ مسدّ ذلك الفعل ، هذا كلامه ، فقد قال الله تعالى : (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) [الأحزاب / ٢٠] ، فأوقع خبرها صفة ، ولهم أن يفرّقوا بأنّ هذه للتمنّي ، فأجريت مجرى ليت كما تقول : ليتهم بادون.
__________________
(١) هو لتميم بن أبي بن مقيل. اللغة : تنبو : تتباعد ، ملموم : اسم مفعول ، يقال حجر ملموم أي مستدير صلب.
(٢) هو للبيد بن ربيعة العامريّ. اللغة : الفلاح : النجاة والبقاء ، وأراد بملاعب الرماح عامر بن مالك الّذي يقال له : ملاعب الأسنة ، وهو ابن عمّ الشاعر.
(٣) الإتقان في علوم القرآن للشيخ عبد الرحمن السيوطيّ المتوفى سنة ٩١١ ه. كشف الظنون ١ / ٨.