وهذا البيت قال عيسى بن عمر : لا أدري ما معناه ، ولا رأيت أحدا يعرفه ، وقال غيره : كانوا إذا أرادوا الاستسقاء في سنة الجدب عقدوا في أذناب البقر وبين عراقيبها (١) السّلع بفتحين ، والعشر بضمّة ففتحة ، وهما ضربان من الشّجر ، ثمّ أوقدوا فيها النار ، وصعدوا بها الجبال ، ورفعوا أصواتهم بالدعاء ، قال [من البسيط] :
١٠٦٠ ـ أجاعل أنت بيقورا مسلّعة |
|
ذريعة لك بين الله والمطر (٢) |
ومعنى «عالت البيقورا» أنّ السنة أثقلت البقر بما حملتها من السّلع والعشر ، قاله في المغني.
الرابع : أن تكون «كافّة» ، ولم يجعلها مندرجة تحت الزائدة ، وإن لم يكن لها معنى ، لأنّ لها ، كما قال الرضيّ ، تأثيرا قويّا ، وهو منع العامل من العمل وتهيئته لدخول ما لم يكن له أن يدخله ، وهى ثلاثة أنواع :
أحدها : الكافّة عن عمل الرفع ، ولا تتّصل إلا بثلاثة أفعال : قلّ وكثر وطال ، وعلّة ذلك شبههنّ بربّ ، ولا تدخل حينئذ إلا على جملة فعليّة ، صرّح بفعليّتها كقوله [من الخفيف] :
١٠٦١ ـ قلّما يبرح اللبيب إلى ما |
|
يورث المجد داعيا أو مجيبا (٣) |
وأمّا قول المرّار [من الطويل] :
١٠٦٢ ـ صددت فأطولت الصّدود وقلّما |
|
وصال على طول الصدود يدوم (٤) |
فضرورة. وزعم المبرّد أنّ «ما» زائدة ، و «وصال» فاعل لا مبتدأ ، وزعم بعضهم أنّ «ما» مع هذه الأفعال مصدريّة لا كافّة.
والثانية : الكافّة عن عمل النصب والرفع ، وهي المتّصله بأنّ وأخواتها كما مرّ ، وزعم ابن درستويه وبعض الكوفيّين أنّ ما مع هذه الأحرف اسم نكرة مبهم بمترلة ضمير الشأن لما فيها من التفخيم والإبهام ، والجملة الّتي بعدها في موضع الخبر عنها ومفسّرة لها كالّتي بعد ضمير الشأن ، وردّ بأنّها لو كانت كذلك لاستعملت مع جميع النواسخ كضمير الشأن.
والثالثة : الكافّة عن الجرّ ، وتتّصل بأحرف وظروف. فالأحرف أحدها ربّ وأكثر ما تدخل حينئذ على الماضي كقوله [من المديد] :
__________________
(١) اللغة : العراقيب : جمع العرقوب وهو من الدابة : ما يكون في رجلها بمترله الركبة في يدها.
(٢) البيت لودّاك الطائيّ ، وليس فيه شاهد نحويّ ، ولكن ابن هشام ساقه تفسيرا للبيت السابق.
(٣) لم يذكر قائله. اللغة : يبرح : يزال ، اللبيب : العاقل.
(٤) هو للمرار سعيد بن الققعس من الشعراء الأمويّين. اللغة : صددت : من الصدود بمعنى الإعراض.