تختلف في كونها صلبة أو مائعة أو سائلة مرنة أعني هوائية أو سائلة غير قابلة للضبط ولا للوزن ، وبحثنا عن التي تتعلق بالأجزاء السائلة والهوائية من كرتنا بحثا جغرافيا.
وقد تقدم الكلام عليه ولنبحث الآن في جزئها الجامد فنقول الذي يظهر أن التقلبات والتغيرات التي تكابدها الكرة إنما تحصل في هذا الجزء فقط ، وأن الدنيا القديمة تختلف بالكلية عن الدنيا الجديدة ، بل الدنيا الجديدة الموجودة بين القطبين لا تشبه بوجه من الوجوه البر المتصل الجنوبي ولا الأرض الموجودة عند القطب الشمالي ، وأن الجبال ليست متماثلة في الاتجاه ، وأن السهول والأودية لها اختلافات شتى ، وبالاختصار فعدم انتظام الأشياء متسلطن في ذلك الجزء فقد يعسر أو يستحيل أن يوجد تماثل وتساو تام بين شيئين متوازيين بحسب ذلك ، وهذا كله ناشئ من التقلبات والتغيرات التي تحصل دائما في الأرض ، والظاهر أن هذه الصخور الموجودة في تلك الكرة تبلورت من قديم في سائل لم يوجد الآن في الكون ما يدل عليه ولا ما يوفقنا على حقيقته.
قال بعض المؤلفين : إذا كان الأمر كذلك فلا يكون هذا السائل إلا سائلا ناريا مائيا أي ماء مبيضا بالنار بعد الاحمرار ، وعرض لضغط شديد جدا بحيث لا يمكن تصعيده وانتشاره في الفضاء فأثر على الأجرام المذابة فيه بقوة مساوية لقوته الانبساطية ولا يمكننا حسبان تلك القوة ؛ إذ الماء الذي هو على هيئة بخار في حرارة مساوية لحرارة الحديد الأحمر ، وهي ثلاثمائة وسبع درجات من مقياس ريمور يرفع وزنا مساويا لوزن مائة وثلاثين ألف جو ، ويرفع في حرارة أربعمائة وخمس وستين درجة من ذلك المقياس وزنا ساويا بالأربعة وأربعين مليونا من الجو.
انظر ما مقدار القوة العظيمة لهذا الماء المبيض بعد الاحمرار إذا كانت درجة حرارته مساوية لحرارة ذوبان الذهب أعني ألفين وثلاثمائة وسبعا وعشرين درجة ، وهذا كله جائز متى أثرت قوة شبيهة بما ذكر ، وهذا الماء الأبيض قد ذكر فيما تقدم في بحث البحر المسجور ، ثم إن تلك الصخور يتحلل تركيبها سريعا بمماسة الماء والهواء والضوء ، وقد تتراكب عليها صخورا أخر تكون أولا على هيئة طبقات متوازية للسطح الذي رسبت واستندت عليه ، ثم تتسلطن عليها تقلبات وصروف دهرية تفسد انتظامها وتغير معالمها ، والفواعل لهذه التقلبات مجهولة أيضا كأزمنتها.
والفيلسوفي المشتغل بالبحث عن الكائنات لا يمل من منظر تلك الهيولي ، بل يبحث عن الأجزاء التي يمكنه الوصول إليها مع غاية الانتباه ، ثم يجمع أعماله ويقابل بينها ويستنتج منها نتائج صحيحة بدون أن يفتش على توضيح تلك الأعمال نفسها وبدون أن يعتني بربطها