وأقل تبلورا منها ، والأراضي الأصلية هي مركبة كما قلنا من صخور حبوبية ، ومن ميكاشيستي كلمة يوناينة معناها الورقي اللامع ، وقد تكونت في الزمن الأول ولا تزال آخذة في التكوين إلى الآن ، فالصخور الحبوبية تشتغل الجزء السفلي من الأراضي الأصلية وما بقي من الصخور التي ذكرناها يشغل الجزء العلوي منها ، ويتسلطن وجود ثلاثة جواهر معدنية في صخور الأرض الأصلية ، هي الميكا أي الجوهر اللامع والفلدسيات ، والكواريس أي حجر البلور فإذا كانت هذه الجواهر الثلاثة متوزعة في الصخور على السوية على هيئة حبوب مختلفة الغلظ سميت الصخور حبوبية ، ولا تكون الصخور الحبوبية على هيئة طبقات ، بل تكون جبالا وهي قاعدة أغلب سلاسل الجبال ، وتركز عليها جميع أراضي الرسوب ، وتتميز أنواع الميكا الشيستي والطلق الشيستي عن الصخور الحبوبية بأنها على هيئة طبقات ورقية قد تكون رقيقة جدا وهي مكونة أيضا من الميكا والفلدسيات والكواريس ، وقد يفقد الكوارس ويتسلطن الميكا والفلدسيات اللذان يعرفان بلمعانهما ونسيجهما الورقي ، فيكسبان هذه الصخور نسيجا ورقيا يميزها عن غيرها ، وأحيانا يوجد في وسط هذه الصخور طبقات حجرية جيرية ذات ثخن عظيم تدل على أن الحجر الجيري تكون في الزمن الأول وأنواع الميكا الشيستي والطلق الشيستي أقل انتشارا من الصخور الحبوبية وموضوعة فوق الصخور المذكورة غالبا.
فإن قيل : ما سبب اختلاف النسيج في هذين التكوينين. قلنا : إن الصخور الأولى ببرد المواد المضطرمة بسرعة صار تبلورها غير واضح فاكتسب نسيجا ورقيا ، وذلك كالميكا الورقي ، والطلق والورقي وغيرهما ، فهذه الطبقة حينئذ أقدم جميع الصخور فهي الصخور الأصلية حقيقية.
وأما الصخور الحبوبية والصخور الأسوانية ، فلم تتكون إلا بعدها ببرد بطيء تحت الأرض ؛ ولذا صارت حبوبية بلورية وحينئذ فالصخور الحبوبية والصخور التي تتكون منها الطبقة السفلى من الأراضي الأصلية ليست هي الصخور المتكونة أولا كما كان يظن قديما ، بل لا تنسب كلها إلى الزمن الأول نعم ابتدأ تكونها أثناء الزمن الأول لكن استمر تكونها تحت القشرة الأرضية الأولى أواخر الأزمنة الأخرى ، ولم تزل تتكون تحت أقدامنا إلى الآن وحينئذ يكون وضعها في ضمن تكوينها الزمن الأول ، وعدها من جملة أقسام الأرض الأصلية خطأ فالصخور الأصلية التي تنسب للزمن الأول حقيقة صخور الطبقة العليا من الأراضي الأصلية.
وأما الطبقة السفلى فتنسب إلى جميع الأزمان وجميع الأراضي كالمتحصلات البركانية ، وهذا لا يمنع ضمها إلى الطبقة العليا في الدراسة حيث إن هذين التكوينين ترتيبهما واحد.