وجميع أنواع الحيوانات في الأشكال والألوان ، والهيئات والصفات.
وبذلك ظهرت قدرته على جميع المقدورات ، وعلمه بجميع المعلومات ، ولو لم تختلف أحوال المكلّفين بوجه لا يوجب الجبر ، لنقصت صفة العفو عن المذنبين ، والصفح عن الخاطئين.
وحيث حصل الاختلاف بينهم عن اختيار ، لا عن إكراه وإجبار ، وجب بمقتضى الحكمة كشف أحوالهم ، وإظهار ما يقع من أفعالهم ؛ ليصل إلى كلّ ما يستحقّه.
ويأبى العقل والعدل والحكمة مساواة العبيد في إنعام المولى من دون مزيّة لصاحب القابليّة ، وعدم الفرق بين صاحب الصفة المرضيّة وبين المتّصف بأدنى الصفات الرديّة.
فوجب بذلك الاختبار بتوجيه الأوامر والنواهي من الملك الجبّار ليتميّز الأخيار بطاعتهم عن الأشقياء الأشرار ، ويظهر المستحقّ لرضا الرحمن ودخول الجنان ، والفوز بالحور العين والولدان ؛ وينكشف حال المستحقّ لغضبِ الجبّار والدخول في عذاب النار ؛ ولئلا يقولوا : لولا أرسلتَ إلينا رسولاً يُبيّن لنا الأحكام ويعرّفنا الحلال من الحرام.
ثالثها : أنّ التكليف في نفسه من أعظم اللطف وأكبر النعم ؛ لاستدعائه حصول الشرف التامّ والمنزلة الرفيعة في أعلى مقام ، حيث إنّ صفة العبوديّة لله ، والخِدمة له ، وشرف الحضور والقيام بين يديه ، وتوجيه الخطاب في الدعاء والمناجاة من العبد إليه ، وبذلك تحصل له المرتبة العظمى والمزيّة الكبرى ، والقدر العظيم ، والفخر الجسيم.
رابعها : أنّ المبدأ الفيّاض جلّ وعلا يجب عليه بمقتضى فيضه ولُطفه وكرمه أن يفيضَ نعمَه على عباده ، ويجعلهم غرقى في بحار لطفه وكرمه.
وإذا غمرتهم النعم ، وشملهم اللطف والكرم ، ولم يصدر منهم صورة العوض ، أخذهم الخجل ، وأحاط بهم الفشل ؛ لعدم صدور المقابل ، ووجدان العبد