ثمّ ذكر أنّ «هيرودس» كان قد قتل يوحنّا لعلّة مذكورة هناك وغيرها من الأباطيل ، ففيه مخالفة لما ذكر في الفصل الرابع من جهتين :
أحدهما : أنّ ما في الفصل الرابع قد دلّ على أنّ ظهور عيسى بالدعوة في أرض اليهوديّة ، وإظهاره الخوارق إنّما كانت بعد وفات «هيرودس» وما هنا قد دلّ على أنّ «هيرودس» قد كان حيّاً بعد وقوع ذلك واشتهاره.
وثانيهما : أنّ ما هنا قد دلّ على أن يوحنّا قد قتله «هيرودس» بمدّة قبل وفاته ، فكيف يمكن ملاقاة عيسى إيّاه بعد رجوعه من مصر إلى أرض اليهوديّة ، وقد نصّ هناك على أن رجوعه من مصر كان بعد موت هيرودس وقيام ابنه مقامه.
وقد ذكر أيضاً في الفصل الثالث والثلاثين من إنجيل لوقا : أنّ «هيرودس» سمع بجميع ما كان يجري من عيسى فكان يرتاب ؛ لأنّ بعضاً كانوا يقولون : إنّ يوحنّا قام من الأموات ، وبعض أنّ «إيليا» ظهر ، وآخرون أنّ نبيّاً من الأوّلين قام ، فقال هيرودس : أنا قطعت رأس يوحنّا ، وفيه قبل ذلك ذكر دعوته عليهالسلام في أراضي اليهوديّة ، مثل «كفرناحوم» وغيرها ، والمنافاة بينه وبين ما ذكره ظاهرة.
وأفحش من ذلك في المنافاة : ما في الفصل الثاني والثمانين من إنجيل لوقا : أنّه لمّا أتى رؤساء الكهنة والكتبة ليسوع بعد ما أسلمه إليهم يهود الاسخرويوطي إلى «بيلاطس» أرسله إلى «هيرودس» ، لمّا علم أنّه من الجليل ، وكان «هيرودس» شائقاً إلى رؤيته لمّا كان سمع منه أشياء كثيرة.
ثمّ ذكر أنّ «هيرودس» احتقره مع جنده واستهزءوا به ، ثمّ ذكر أنّه أرسله «هيرودس» إلى «بيلاطوس» وصار «هيرودس» و «بيلاطوس» أصدقاء في ذلك اليوم ، وكانوا قبل ذلك أعداء.
ثمّ ذكر في الفصل الذي بعده حكاية أمر «بيلاطوس» بصلبه ، لإصرار الكهنة والكتبة عليه في ذلك ، فكم من التنافي بين ذلك وما ذكر أوّلاً من موت هيرودس قبل إتيان يوسف بعيسى إلى أرض اليهوديّة على حسب ما نقلناه.
ومنها : ما في الفصل السابع والثمانين من إنجيل متّى : أنّ التلاميذ قالوا ليسوع أين