ودلّ عليه مؤكّداً غاية التأكيد صريحُ الكتاب المُبين في قوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (١) بحكم اللام الدالّة على الاستحقاق ، وربطه بالله تعالى ، واقتضاء «على» وعموم «الناس» المقتضي للأمر ، والأمر بالأمر على الفاعليّة لا البدليّة ، وذكر الاستطاعة وتعميم السبيل ، وتسمية تاركه كافراً ، والتأكيد بـ «إنّ» ، وذكر الغِنى ، واسميّة الجملة ، وخبريّتها ، والتعميم بعد التخصيص ، وتقديم الخبر فيها ، إلى غير ذلك.
وكذا الروايات المتواترة :
ومنها : ما في جواب الصادق عليهالسلام عن معنى قوله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) «أنّ المُراد الحجّ والعُمرة جميعاً ؛ لأنّهما مَفروضان» كأن مُراده عليهالسلام : أنّ العمرة محكوم بفرضيّتها في السنّة ، ولا طريق لاستفادتها من الكتاب سوى هذه الآية. وعن معنى «الحجّ الأكبر» أنّه الوقوف بعرفات ، ورمي الجمار ، و «الحجّ الأصغر» العُمرة ، واتّقاء ما يتقيه المُحرم فيهما (٢).
وعن الصادق عليهالسلام : «الحجّ على الناس جميعاً ، صغارهم وكبارهم ، فمن كان له عُذر ، عذره الله تعالى» (٣). والمُراد بالصغار المُكلّفون ، وربّما يقال : بأنّ المُراد الأعمّ ، وأنّه يجب على الناس أن يكلّفوا الصغار بالحجّ إذا لزم التعطيل.
وعن الكاظم عليهالسلام : «أنّ الله فرض الحجّ ، وذلك قول الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال الراوي : قلت له : مَن لم يحجّ منّا فقد كفر؟ قال : «لا ، ولكن من قال : ليس هذا هكذا فقد كفر» (٤).
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.
(٢) الكافي ٤ : ٢٦٤ ح ١ ، الوسائل ٨ : ٣ أبواب وجوب الحجّ ب ١ ح ٢.
(٣) الكافي ٤ : ٢٦٥ ح ٣ ، الوسائل ٨ : ١١ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ٣.
(٤) الكافي ٤ : ٢٦٦ ح ٥ ، التهذيب ٥ : ١٦ ح ٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١٤٩ ح ٤٨٨ ، الوسائل ٨ : ١٠ أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١.