وعمرو ، حتى أنّ بعضهم جوّز في هذا المفعول أن يرفع وصفه ، نحو : ضارب زيد عمرا الجاهل ، برفع الجاهل ، لأنّه نعت لمرفوع في المعنى ، انتهى.
وخالف الكوفيّون والأخفش من البصريّين ، فقالوا : إنّما هو تعيين أولوّية ، لكن الكوفيّون أجازوا وقوع غيره مطلقا كقراءة أبي جعفر (١) : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [الجاثية / ١٤] ، والأخفش يشترط تقدّم النائب على المفعول تمسّكا بقراءة شاذّة : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ) [الفرقان / ٣٢] بالنصب ، وبقوله [من الرجز] :
١٠٣ ـ مادام معينا بذكر قلبه |
|
... (٢) |
وبأبيات أخر ، والكلّ متأوّل عند المانعين. قال بعض المحقّقين : وحمل التعيين على الأولويّة أشدّ مناسبة بقوله فيما يأتي.
«فإن لم يكن فالجميع سواء» ، أي فإن لم يوجد المفعول به بلا واسطة في الكلام ، فالجميع أي جميع ما سواه من المفاعيل سواء ، أي مستوية في الوقوع موقع الفاعل ، لا يفضل بعضها بعضا ، فإذا حذفت زيدا من قولك : ضربت زيدا يوم الجمعة ضربا شديدا في داره ، وأردت إقامة غيره أقمت ما شيءت ، نصّ عليه غير واحد ، منهم الجزوليّ وابن الحاجب.
ورجّح بعضهم المجرور ، لأنّه مفعول به ، وإن كان بواسطة ، ورجّح بعضهم المصدر والظرفين ، لأنّها مفاعيل بلا واسطة ، ورجّح بعضهم المصدر لذلك ، ولأنّ دلالة الفعل عليه أقوي ، ورجّح أبو حيّان ظرف المكان لأنّه أقرب إلى المفعول به ، لأنّ دلالة الفعل عليه بالالتزام خلاف المصدر والزمان. قال الرضي : والأولى أن يقال : كلّ ما كان أدخل في عناية المتكلّم واهتمامه بذكره وتخصيص الفعل به فهو أولى بالنيابة ، وذلك إذن مفوّض إلى اختياره ، انتهى.
تنبيهات : الأوّل : يشترط في المصدر والظرف الاختصاص والتصرّف ، فلا يجوز ضرب ضرب ، ولا صيم زمن ، ولا اعتكف مكان ، لعدم اختصاصها ، فإن قلت : ضرب ضرب شديد ، وصيم زمن طويل ، واعتكف مكان حسن ، جاز لحصول الاختصاص بالوصف ، ولا يجوز سبحان الله ، على أن يكون نائبا عن فاعل فعله المقدّر أي يسبّح سبحان الله ، ولا حبس عندك أو معك لعدم التصرّف.
__________________
(١) أبو جعفر يزيد بن القعقاع القارئ ، كان إمام الناس في القرأءة إلى أن توفّي سنة ١٣٣ ه بالمدينة. ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ج ٦ ، بيروت دار صادر ، ١٩٧٧ م ، ص ٢٧٤.
(٢) ما وجدت البيت.