زعم أبو حيّان أنّه لا يجوز كونها من المفعول إلا بدليل ، لأنّ التقييدات بالأحوال والصفات وعود الضمائر لا تكون إلا لأقرب مذكور ، والثانية متعيّنة لأن تكون من المفعول ، والثالثة من الفاعل ، وكلّ من ضربي وشربي وما يكون المؤوّل بالكون مصادر عاملة في مفسّر ذي الحال ، وهو الضمير المستتر فيها يقدّر من الخبر المحذوف وجوبا.
واختلف فيه ، فمذهب سيبويه وجمهور البصريّين إلى أنّه ظرف زمان مضاف إلى فعله ، والتقدير ضربي زيدا إذ كان قائما في المضيّ. وإذا كان في الاستقبال ، والخبر في الحقيقة متعلّق هذا الظرف من وصف أو فعل ، وكان المقدّرة تامّة لا ناقصة ، والحال من الضمير المستتر فيها ، وهي العامل في الحال ، ومفسّر هذا الضمير هو معمول المصدر كزيد والسوى ق والأمير في الأمثلة ، وإنّما لم تقدّر كان ناقصة ، والمنصوب خبرا لها لأمرين : أحدهما التزامهم تنكيره فلا يقال ضربي زيدا القائم ، والثاني وقوع الجملة الاسميّة مقرونة بالواو موقعه كالحديث : أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد (١).
قال ابن هشام : وهو أقوي دلالة على أنّه حال ، لأنّ الخبر لا يقترن بالواو ، والدّالّ على تعيين الخبر الّذي هو حاصل أو نحوه الأخبار عن الضرب بكونه مقيّدا بالقيام مثلا ، إذ لا يمكن تقييده إلا بعد حصوله (٢) ، واللفظ السادّ مسدّ الخبر هو الحال ، فقد وجد شرط وجوب الحذف.
وذهب الأخفش وتبعه عضد الدولة (٣) إلى أنّه مصدر مضاف إلى ذي الحال ، والتقدير ضربي زيدا ضربه إذا كان قائما ، وشربي السوى ق شربه ، وأخطب كون الأمير كونه ، فضربه خبر ضربي ، وهو مضاف إلى ذي الحال ، وهو الهاء وكذا شربه ، وكونه خبران لأكثر وأخطب ، واختاره ابن مالك في التسهيل. قال ابن هشام : إنّه أولى لأنّه قدّر اثنين ، وقدّروا خمسة ، ولأنّ التقدير في اللفظ أولى ، انتهى.
قيل : ولأنّ حذف إذا مع الجملة المضاف إليها لم يثبت في غير هذا الموضع وللمعدول عن ظاهر معنى كان الناقصة إلى التامّة ، إلا أنّه يرد عليه حذف المصدر مع بقاء معموله ، وهو ممتنع عند الأكثر إلا أن يقال : القرينة الدّالّة على حذفه قويّة ، فلا بأس بالحذف ، كما قال سيبويه : إنّ تقدير ما لك وزيدا ، ما لك وملابستك زيدا ، ولا يجوز تقدير الخبر بعد الحال كما نقله ابن السّيّد عن الكوفيّين ، لأنّه تقدير ليس في اللفظ ما
__________________
(١) صحيح مسلم ١ / ٣٥٠.
(٢) بعد حصوله ممكنا «ح».
(٣) عضد الدولة «فنّا خسرو) (ت ٣٧٢ ه / ٩٨٣ م) أعظم ملوك بني بويه رعي العلماء والأدباء مدحه المبتني. المنجد في الأعلام ص ٣٧٥.