يدلّ عليه ، فكما يجوز أن تقدّره ثابت مثلا يجوز أن تقدّره منفيّ ، ولأنّه حينئذ يكون من الحذف الجائزة لا الواجب ، لأنّ قائما إذ ذاك يكون حالا من زيد ، والعامل فيه المصدر ، فيعمل في الحال فلا يسدّ مسدّه ، لأنّها من صلته.
وقيل : الخبر نفس الحال ، كما قيل به في الظرف ، وقيل : الحال أغنت عنه ، كما أغني مرفوع الوصف عن الخبر ، والصحيح ما قدّمناه من أنّ الخبر محذوف وجوبا لسدّ الحال مسدّه. قال ابن عصفور : وإنّما صحّ للحال أن تسدّ مسدّ الخبر ، لأنّها بمترلة الظرف في المعنى ، ألا ترى أنّه لا فرق بين ضربي زيدا قائما ، وضربي زيدا وقت قيامة ، فكلّ منهما سدّ مسدّ الخبر ، وكلّ منهما على معنى في ، والظرف يسدّ مسدّ الخبر فكذا الحال ، انتهى.
تنبيهان : الأوّل : تقييد المبتدإ بكونه مصدرا أو مضافا إليه أو مؤوّلا به يؤخذ منه أنّ المبتدأ نفسه لا يكون مؤوّلا بالمصدر ، ولا يجوز أن تضرب زيدا قائما خلافا لبعض الكوفيّين ، وتقييد المصدر بالعمل في اسم مفسّر لضمير ذي الحال احتراز من أن يكون المصدر عاملا في صاحب الحال نفسه ، فإنّ الحال لا تسدّ مسدّ الخبر حينئذ ، نحو : ضربي زيدا قائما شديدا ، فإنّ قائما حال من زيد ، والعامل فيها هو العامل في زيد ، وهو ضربي ، فلا تغني عن الخبر ، لأنّها حينئذ من صلته ، وتقييد الحال بكونها غير صالحة للخبريّة احتراز من نحو : ضربي زيدا شديدا ، فالرفع واجب لصلاحيّتها للخبريّة ، وشذّ قولهم لرجل حكموه عليهم ، وأجازوا حكمه ، حكمك مسمّطا بتشديد الميم وطاء مهملة ، أي حكمك لك مثبتا.
الثّاني : يجوز عند الأخفش والمبرّد والفارسيّ رفع الحال في الصورة الثالثة ، وهي أفعل المضاف إلى ما المصدريّة ، نحو : أخطب ما يكون الأمير قائما ، ومنعه سيبويه ، قال الرضيّ : والأولى جوازه ، لأنّك جعلت ذلك الكون أخطب مجازا ، فجاز جعله قائما أيضا بخلاف المصدر الصريح ، كما في ضربي زيدا مجازا ، فجاز جعله قائما أيضا بخلاف المصدر الصريح ، كما في ضربي زيدا قائما ، إذ لا مجاز في أوّل الكلام ، ولا شكّ أنّ المجاز يؤنس بالمجاز ، انتهى.
والثالثة : بعد لو لا الامتناعيّة إن كان كونا مطلقا ، نحو : «لولا على لهلك عمر» ، أي لولا على موجود ونحوه ، فجاز حذفه للعلم به من لو لا الدالّة على امتناع الشيء لوجود غيره ، ووجب لسدّ الجواب مسدّه ، وسيأتي الكلام على هذه المسألة مستوفيا في حديقة المفردات ، إن شاء الله تعالى.