لا تقول : كاد زيد يحجّ إلا وقد أشرف عليه ، ولا يقال ذلك وهو في بلده ، انتهى كلام الشاطبيّ.
وأمّا إذا جعلت للمقاربة كما ذهب إليه المصنّف تبعا لجماعة منهم ابن مالك وابنه ، فيشكل كون الغالب معها الاقتران كالاقتران (١) الغالب في عسى ، قاله في التصريح ، ومن تجرّدهما قوله [من الوافر] :
٢١٦ ـ عسى الكرب الّذي أمسيت فيه |
|
يكون وراءه فرج قريب (٢) |
والمروي في أمسيت فتح التاء على الخطاب ، قاله ابن هشام تبعا لليمنيّ ، وهو المشهور. وقال الدمامينيّ في التحفة : الّذي سمعناه غير مرّة من مشايخنا بالديار المصريّة ضمّها ، وقوله الآخر [من المنسرح] :
٢١٧ ـ يوشك من فرّ من منيّته |
|
في بعض غرّاته يوافقها (٣) |
وقد تقوم السّين مقام أنّ لكونها للاستقبال كقوله [من الطويل] :
٢١٨ ـ عسى طيّئ من طيّئ بعد هذه |
|
ستطفيء غلّات الكلى والجوانح (٤) |
«وهي» ، أي أن ، واجبة في خبر إخلوق وحري لما مرّ في عسى ، ولذلك قيل كان القياس وجوبه هنالك أيضا ، نحو : اخلولقت السماء أن تمطر ، وحري زيد أن يقوم.
و «في» خبر الفعلين «الأخيرى ن» وهما أنشأ وطفق ونحوهما من أفعال الشّروع «ممتنعة» لأنّها في الأخذ في الفعل والشروع فيه ، وذلك ينافي الاستقبال «نحو» : أنشأ عمرو يقرأ ، و «طفق زيد يكتب» ، وفي التتريل (٥) : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الأعراف / ٢٢]. وقضية كلامه أنّ المقرون بها كالمجرّد عنها في كونه منصوبا على الخبريّة ، وهو قول الجمهور بدليل أنّه لما أتي مفردا لم يظهر مصدرا ، بل اسما كقوله : إنّي عسيت صائما ، ولم يقل عسيت الصوم.
واستشكل بأنّ أن وما بعدها بتأويل المصدر ، فيلزم في نحو : عسى زيد ان يقوم (٦) ، الإخبار بالحدث عن الذات ، ولذلك ذهب سيبويه فيما حكاه عنه ابن مالك إلى أنّ المقرون بها ليس خبرا ، بل مفعول به منصوب على نزع الخافض ، والفعل بمعنى قرب ، و
__________________
(١) سقط كالاقتران في «ح».
(٢) البيت لهدبة بن خشرم العذري من قصيدة قالها وهو في الحبس.
(٣) تقدم برقم ١٩٨.
(٤) هو لقسام بن رواحة. اللغة : غلّات : جمع غلّة : حرراة العطش ، الكلى : جمع كلية ، الجوانح : واحدته جانحة بمعنى الأضلاع تحت الترائب ممّا يلي الصدر.
(٥) «في التتريل» سقط في «ح».
(٦) حذف ان يقوم في «ح».