اسم ، مؤخّر أو مقدّم ، وأولى هذه الثمانية أوّلها ، أعني الخاصّ الفعليّ المؤخّر ، إذ العام كمطلق الابتداء ، يوهم بظاهره قصر الاستعانة على ابتداء الفعل ، فيفوت شمولها لجملته ، والخاصّ الاسميّ كقرائتي مثلا يوجب زيادة تقدير بإضمار خبره ، إذ تعلّق الظرف به يمنع جعله خبرا عنه ، والمقدّم ك اقرأ بسم الله ى فوت معه قصر الاستعانة على اسمه جلّ وعلا.
قال المصنّف (ره) في المفتاح : وكسرت الباء لاختصاصها بلزوم الجرّ والحرفية (١) ، والاسم لغة علامة الشىء ، وفيه عشر لغات ، وسيأتي معناه اصطلاحا ، وهو عند البصريّن من الأسماء العشرة الّتى حذفت أعجازها ، وأسكنت أوائلها ، وأدخل عليها مبتدأ بها همزة الوصل ، لأنّ من دأبهم أن يبتدئوا بمتحرّك ، ويقفوا على ساكن ، واشتقاقه من السّمّو ، وهو الارتفاع ، ومن السمة عند الكوفيّن ، وهى العلامة ، وأصله وسم ، حذفت الواو ، وعوّضت عنها همزة الوصل ليقلّ إعلاله (٢).
قال الزجاج (٣) : هذا غلط ، لأنّا لا نعرف شيئا دخلت عليه ألف الوصل فيما حذفت فاء فعله نحو : عدة وزنة ، فلو كان من الوسم ، كان تصغيره وسيما ، كما أنّ تصغير عدة وعيد. وحذفت الألف لكثرة الاستعمال وطوّلت الباء عوضا عنها ، ولا تحذف في غير ذلك ك باسم ربّك ، أو ل اسم الله.
قال ابن درستويه (٤) : لا يقاس خطّ المصحّف والعروض ، الله أصله إله ، حذفت الهمزة ، وعوّض منها حرف التعريف ، ثمّ جعل علما للذات المقدّسة الجامعة لصفات
__________________
(١) قال الزمخشريّ : فإن قلت : من حقّ حروف المعاني الّتي جاءت علي حرف واحد أن تبنى علي الفتحة الّتي هي أخت السكون ، نحو كاف التشبيه ولام الابتداء وواو العطف وفائه وغير ذلك ، فما بال لام الإضافة وبائها بنيتا على الكسر؟ قلت : أمّا اللام فللفصل بينها وبين لام الابتداء ، وأمّا الباء فلكونها لازمة للحرفيّة والجرّ. أبو القاسم جار الله الزمخشريّ ، الكشّاف ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، لاط ، ١٤٠٧ ه ق ، ١ / ٤.
(٢) قال الشارح : الاسم لغة علامة الشيء. وإن كان كذا فهو قبل مذهب الكوفيّين الّذين يذهبون إلى أنّ الاسم مشتقّ من الوسم وهو العلامة. ولكن هذا وإن كان صحيحا من جهة المعنى إلا أنّه فاسد من جهة اللفظ ، وهذه الصناعة لفظيّة ، فلا بدّ فيها من مراعاة اللفظ ، ووجه فساده من جهة اللفظ : أوّلا : إنّ الهمزة في أوّله همزة التعويض ، وهمزة التعويض إنّما تقع تعويضا عن حذف اللام ، لا عن حذف الفاء ، فهو مشتقّ من السّمو لا من الوسم ، ثانيا : تصغيره «سميّ» ولو كان مشتقّا من الوسم لكان تصغيره «وسيم» كما يجب أن تقول في تصغير عدة وعيدة ، لأن التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها. ثالثا : جمع تكسيره «أسماء» ولو كان مشتقّا من الوسم لوجب أن تقول : أواسم ، وأواسيم. راجع : الأنباري ، الانصاف في مسائل الخلاف ، ج ١ ، بيروت ، المكتبة العصريّة ، لاط ، ١٤١٩ ه ، ص ٦ إلى ١٦.
(٣) إبراهيم بن السري أبو إسحاق الزجاج ، عالم بالنحو واللغة ، من أهل بغداد ، تعلّم على المبرّد ، له : معانى القرآن ، فعلت وأفعلت ، شرح أبيات سيبويه و... جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ، بغية الوعاة ، ج ١ ، المكتبة العصرية بيروت ، دون التاريخ ، ص ٤٢٣.
(٤) أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان الفارسيّ الفسويّ ، محدث وأديب ولغويّ ونحويّ ، ولد في فسا بأقليم فارس (٢٥٨ / ٣٤٧ ه). ابن الخراساني وابن الكثير ، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ، ج ٣ ، مركز دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ، طهران ١٣٧٧ ش ، ص ٧٨.