فيها خلقه (١) ، وقيل : لأنّ سائر المخلوقات اجتمع خلقها ، وفرغ منه يوم الجمعة ، وقيل : لأنّ أسعد بن زرارة (٢) لمّا جمع بالأنصار فصلّي بهم ، وذكّرهم ، سمّوه الجمعة ، حين اجتمعوا إليه ، فعليه فالاسم إسلاميّ ، وقيل : غير ذلك.
ومن اسم المكان نحو : «صليت خلف زيد» ، ومثله جلست أمامك ويمينك وشمالك وفوقك وتحتك ، وسمّيت هذه الجهات السّتّ باعتبار الكائن في المكان ، فإنّ له ستّ جهات ، وممّا هو نحوها في الإبهام والافتقار نحو : جلست ناحية ، وأمّا ما نزّل منزلة أحدهما ممّا عرضت دلالته عليه فأربعة كما ذكرنا.
أحدها : أسماء العدد المميّزة بهما نحو : سرت عشرين يوما ، مثال لما عرضت له اسميّة الزمان ، أو «سرت عشرين فرسخا» ، مثال لما عرضت له اسمية المكان. الثاني : ما أفيد به كليّه أو جزئيّة ك سرت جميع اليوم جميع الفرسخ ، أو كلّ اليوم كلّ الفرسخ ، أو بعض اليوم بعض الفرسخ ، أو نصف اليوم نصف الفرسخ. الثالث : ما كان صفة للزمان أو المكان ، كجلست طويلا من الدهر شرقيّ الدار. الرابع : ما كان مخفوضا بإضافة أحدهما ، ثمّ حذف المضاف ، وأنيب عنه المضاف إليه بعد حذفه ، والغالب في هذا النائب أن يكون مصدرا ، وفي المنوب عنه أن يكون زمانا ، ولا بدّ من كونه معيّنا لوقت أو لمقدار ، نحو : جئتك صلاة العصر أو قدوم الحاجّ ، وانتظرتك حلب الناقة.
وقد يكون النائب اسم عين ، نحو : لا أكلّمه القارظين ، والأصل مدّة غيبة القارظين ، وهو تثنية قارظ بالقاف والظاء المشالة (٣) ، وهو الّذي يجني القرظ (٤) بفتح القاف والراء ، وهو شيء يدبغ به.
قال الجوهريّ : لا آتيك أو يؤوب القارظ العنزيّ ، وهما قارظان ، كلاهما من عنزة ، خرجا في طلب القرظ ولم يرجعا ، وطالت غيبتهما ، قاله في التصريح.
تنبيهات : الأوّل : عدّ بعضهم ممّا أشبه الجهات الستّ في الإبهام والافتقار جانب ومكان ، واعترض جانب بأنّه ممّا يتعيّن معه التصريح بفي ، ومكان بأنّه ليس على إطلاقه ، لأنّ المتعدّي إليه ، لا بدّ أن يكون مشتقّا من الحدث الواقع فيه ، نحو : قاتلت مكان القتال ، أو مشتقّا من مصدر بمعنى الاستقرار ، نحو : قعدت مكانه ، قاله الرضيّ في الثاني ، واعترضه الدمامينيّ بأنّ ذلك يحتاج إلى ثبت.
__________________
(١) لم أجد الحديث في الكتب المتعلّقة بالأحاديث.
(٢) أسعد بن زراره ، أحد الشجعان الأشرف في الجاهلية والاسلام ، من سكان المدينة ، مات قبل وقعة بدر سنة ١ ه ق ، ودفن في البقيع ، الأعلام للزركلي ، ١ / ٢٤٩.
(٣) أي منقوطة ، يقال بالطاء المهملة والظاء المشالة.
(٤) القرظ : شجر يدبغ به ، وقيل : هو ورق السّلم يدبغ به الأدم. ومن أمثالهم : لا يكون ذلك حتى يؤوب القارظان. أي لا يكون أبدا. لسان العرب ٣ / ٣١٩١.