فيه ببسم الله فهو أبتر» (١) ، ثمّ أتبعها بالحمد لما روى أيضا ، كلّ أمر ذى بال لم يبدأ فيه بالحمد ، وفي رواية ، بحمد الله فهو أقطع ، والتوفيق بينهما بحمل الأوّل في الأوّل على الحقيقيّ ، وفي الثانى على الإضافيّ أو العرفيّ ، أو كليهما على العرفيّ.
«أحسن» اسم تفضيل من حسن ، ككرم ونصر. «كلمة» بفتح الكاف وكسر اللام أفصح من فتحها ، وكسرها مع سكون اللام الأولى ، لغة الحجازيّن ، وبها جاء التتريل ، والأخريان لغتا تميم (٢) ، ومثلها في جواز اللغات الثلاث ، كلّ ما (٣) كان على نحو : كتف وعلم ، فإن كان الوسط حرف حلق ، جاز فيه لغة رابعة ، وهي اتّباع الأوّل للثاني في الكسر ، نحو فخذ وشهد ، والمراد بالكلمة هاهنا ، الكلمة التى تطلق على الجمل المفيدة ، ليصحّ كون الخبر ، وهو قوله : حمدك اللهمّ كلمة ، ولا يصحّ حملها على الكلمة الاصطلاحية ، كما كابر (٤) فيه بعض الفضلاء المعاصرين.
«يبتدأ بها الكلام» ، أى يشرع بها في الكلام الّذي يهتمّ به ، حملا للكلام على الكامل منه ، وفي التعبير بالابتداء إشارة إلى الحديث الوارد في الحمد المقدّم ذكره. «وخير خبر» ، أصله أخير خبر ، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، كما حذفت في شرّ ، وقد يستعملان على الأصل بقلّة ، وفي خير وخبر جناس التصحيف (٥). «يختم به المرام» ، أى يجعل خاتمة له ، والمرام مصدر ميمىّ من«رام يروم» أى طلب ، وهو هنا بمعنى المفعول أنسب من كونه بمعنى المصدر ، وفي يبتدي ويختتم صناعة الطباق (٦).
«حمدك اللهمّ» ، أى حمدك يا الله ، وإيثار الخطاب بالكاف على اسمه تعالى للدلالة على أنّه قويّ عنده ، محرّك الأقبال وداعي التوجّه إلى جنابه على الكمال ، حتّى خاطبه ، وحرف النداء من اللهمّ محذوف ، عوّض منه الميم في آخره على الأصحّ ، كما سنبيّنه في موضعه إن شاء الله تعالى.
والنداء بالياء مع كونها للبعيد ، وهو تعالى أقرب من حبل الوريد للإشارة إلى هضم نفسه والاستبعاد لها عن مظأنّ القرب ، وذكر اسمه تعالى بعد الكاف الوافية
__________________
(١) أحمد بن حنبل ، مسند ، لاط ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، ٣ ، ١٩٩٤ / ٣٥٩.
(٢) تميم : قبيلة من مضر من قبائل عرب الشمال أو العدنانيّين.
(٣) كلّما «ح».
(٤) كابر : عاند وخالف.
(٥) جناس التصحيف : هو ما تماثل ركناه وضعا واختلفا نقطا ، بحيث لو زال إعجام أحدهما لم يتميّز عن الآخر ، نحو : غرّك عزّك. أحمد الهاشمي ، جواهر البلاغة ، مصر ، مكتبة الاعتماد ، لاط ، ١٣٥٨ ه ، ص ٤١٨.
(٦) الطباق وتسمّى التضاد أيضا ، وهي الجمع بين متضادين أي معنيين متقابلين في الجملة. سعد الدين التفتازاني ، شرح المختصر ، قم ، منشورات دار الحكمة ، ج ٢ ، لاط ، لات ، ص ١٣٦.