على جواز إضافته ، ويجب فيه التأويل بالمسمّى ، أي مسمّى كرز ، وكذا الباقي ، وإضافة الاسم إلى الصفة كمسجد الجامع وصلاة الأولى وجانب الغربيّ وبقله الحمقاء ، إن قلنا : إنّ الحمقاء (١) صفة للبقلة ، لأنّها تنبت في مجاري السيل. ورأيت في بعض الكتب الطبيّة أنّها إنّما أضيفت إلى الحمقاء ، لأنّ سيّدتنا فاطمة الزهراء ، عليها السّلام ، كانت تستطبّها ، فسمّتها بنو أميّة لعنهم الله بقلة الحمقاء ، ثمّ وقفت على ذلك في بعض كتب الحديث.
وعكسه هو إضافة الصفة للاسم ، نحو : سحق عمامة وجرد قطيفة وإخلاق ثياب ، إذ الأصل مسجد جامع وقطيفة جرد ، وكذا الباقي ، وهذان القسمان اختلف في جواز الإضافة فيهما ، فجوّزها الكوفيون حيث اختلف اللفظان مستندين إلى ما سمع من ذلك ممّا ذكرناه من غير تأويل ، ومنعها البصريّون ، وأوّلوا ما ورد منهما ، لأنّ الصفة هي الموصوف ، ولا يضاف الشيء إلى نفسه.
ثمّ قال الأكثرون منهم في تأويل الأوّل منهما : هو على حذف موصوف ، أي مسجد المكان الجامع وصلاة الساعة الأولى ، وفي الثاني كجرد قطيفة ، إنّه من باب خاتم فضة ، لأنّ المعنى شيء جرد ، أي بال ، ثمّ حذف الموصوف ، وأقيمت صفته إلى جنسها للتبيين ، أي شيء جرد من جنس قطيفة ، وشيء سحق من جنس عمامة ، ولا ينقاس ذلك ، بل مقصور على السماع.
وإضافة الموصوف إلى القائم مقام وصفه كزيد إليعملات أي صاحب إليعملات وإضافة المؤكّد بفتح الكاف إلى المؤكّد بكسرها كحينئذ ويومئذ ، قال الشاعر [من الطويل] :
٣٠٠ ـ فقلت أنجوا عنها نجا الجلد إنّه |
|
سيرضيكما منها سنام وغاربه (٢) |
النجا بالقصر الجلد من قولك : نجوت جلد البعير عنه ، وأنجبيته إذا سلخته فكأنّه قال : جلد الجلد ، فأضاف المؤكّد إلى المؤكّد. قال الفرّاء : أضاف النجاء إلى الجلد ، لأنّ العرب تضيف الشيء إلى نفسه إذ اختلف اللفظان نحو : حقّ اليقين وحبّ الحصيد وحبل الوريد ، ومذهب أكثر البصريّين أنّ هذا في غاية الندور ، فلا يقاس عليه ، ولا يتعدّي به مورد السماع ، واضافة الملغي إلى المعتبر كقول لبيد [من الطويل] :
٣٠١ ـ إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما |
|
... (٣) |
__________________
(١) إن قلنا إنّ الحمقاء سقطت في «ط».
(٢) هو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، أو لأبي الغمر الكلابي. اللغة : السنام : كتل من الشحم محدّبة على ظهر البعير والناقة ، الغارب من البعير : ما بين السنام والعنق.
(٣) تمامه : «ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر».