ومنه قوله : هذا حيّ زيد أي زيد ، وسمع الأخفش أعرابيّا يقول : عائبا الأبيات قالهنّ شاعر يسمّي رياح قالهن حيّ رياح. وإضافة المعتبر إلى الملغي الّذي لا يعتدّ به إلا كالاعتداد بالحرف الزائد للتاكيد كقول الحطيئة [من الطويل] :
٣٠٢ ـ ولو بلغت عوّا السماك قبيلة |
|
لزادت عليها نهشل وتعلّت (١) |
وقول الآخر [من الطويل] :
٣٠٣ ـ أقام ببغداد العراق وشوقه |
|
لأهل دمشق الشّام شوق مبرّح (٢) |
الصورة الثانية : ما المضاف فيها صفة ، لكنّ المضاف إليه ليس معمولا لها ، وذلك كاسم التفضيل ، نحو : أفضل اليوم على الأصحّ ، والوصف الّذي لم يرد به الحال والاستقبال كما في خالق السموات ومصارع مصر ، لأنّه لا يعمل ، فالمضاف إليه في ذلك ليس معمولا له فإضافته معنويّة.
الصورة الثالثة : أن يكون المضاف إليه معمولا للمضاف قبل الإضافة ، لكن ليس المضاف صفة ، وذلك كالمصدر المضاف لمرفوعه أو منصوبه كضرب الأمير وأكل الخبر على الأصحّ.
تنبيه : المشهور تقسيم الإضافة إلى هذين القسمين. أعني اللفظيّة ، تسمّى غير محضة ، والمعنويّة ، وتسمّى المحضة كما مرّ ، وأثبت ابن مالك في التسهيل قسما ثالثا سمّاه شبيها بالمحضة وواسطة ، وهو إضافة المسمّى إلى الاسم ، والاسم إلى الصفة وعكسه ، والموصوف إلى القائم مقام وصفه ، والموكّد إلى الموكّد والملغي إلى المعتبر وعكسه ، وقد مرّ آنفا أنّ الإضافة في ذلك كلّه داخلة في المحضة.
وذهب قوم إلى أنّها غير محضة ، لأنّها في تقدير الانفصال من حيث إنّ المعنى لا يصحّ إلا بتكلّف خروجه عن الظاهر ، وابن مالك جعلها واسطة بينهما ، لأنّ لها اعتبارين : أحدهما من جهة الانفصال المذكور ، والثاني من جهة الاتّصال من حيث إنّه لا ضمير فاصل بين المضاف والمضاف إليه ، كما كان في نحو ضارب زيد ، قال أبو حيّان : ولا أعلم له سلفا في ذلك.
«وتفيد» الإضافة المعنويّة «تعريفا» للمضاف «مع» المضاف إليه «المعرفة» كغلام زيد وعبد هذا وضارب زيد أمس ، وزيد أفضل الناس ، «و» تفيد «تخصيصا» للمضاف «مع» المضاف إليه «النكرة» ، نحو : غلام رجل ، والمراد بالتخصيص الّذي لم
__________________
(١) اللغة : عوّا : مترل من منازل القمر ، السماك : كلّ ما سمك ، حائطا كان أو سقفا.
(٢) البيت لبعض الطائيين.