إذ أبوك وأب لك واحد ، وهذا مذهب هشام وابن كيسان وابن الحاجب وابن مالك.
الثالث : أنّ الاسم مفرد ، وجاء على لغة القصر كقولهم : مكره أخاك لا بطل ، واللام وما بعدها الخبر ، وهو مذهب الفارسيّ وابن يسعون (١) وابن الطراوة. قال [السيوطي] في الهمع ، وهو المختار عندي لسلامته ممّا في القولين الأخرين من تأويل وزيادة وحذف ، وكلّها خلاف الأصل.
قال ابن هشام ويشكل على الأوّل قولهم لا أبا لي ، ولا يجوز أن تعرب الأسماء الستّة بالأحرف إذا كانت مضافة للياء ، وعلى الثاني أنّ الأسماء الستّة لا تعرب بالحروف إلا إذا كانت مضافة ، وإنّهم يقولون : لا غلامي له ، فيحذفون النون ويجاب عنهما بأنّ شبيه الشيء جار مجراه ، وعلى القولين فيحتاج إلى تقدير الخبر. قال ويردّ الثالث أمران : أحدهما أنّ الّذي يقول : جاءني أباك بعض العرب ، والّذي يقول : لا أبا لزيد جميع العرب ، والثاني قولهم : لا غلامي له بحذف النون ، انتهى.
الثالث : هل إضافة الجمل للتعريف ، لأنّها في تأويل المصدر المضاف إلى فاعله أو التخصيص ، لأنّ الجمل نكرات ، احتمالان : لصاحب البسيط وميل أبي حيّان الثاني ، واستظهر المراديّ الأوّل ، والمضاف إليه أي في الإضافة المعنويّة إن كان جنسا للمضاف ، أي صادقا عليه وعلى غير ، بشرط أن يكون المضاف أيضا صادقا على غير المضاف إليه فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه ، قال معناه الفاضل الهنديّ في حواشي الحاجبيّة.
«فهي» أي الإضافة المعنويّة «بمعنى من» التبينيّة كخاتم فضّة ، فإنّ الفضة فقد تكون خاتما ، وقد لا تكون ، وكذا الخاتم قد يكون فضّة ، وقد لا يكون ، «أو» كان المضاف إليه «ظرفا له» أي للمضاف ، سواء كان ظرف زمان أو ظرف مكان «فبمعنى في الظرفية» ، فظرف الزمان نحو : (مَكْرُ اللَّيْلِ) [سبأ / ٣٣] ، (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) [البقرة / ٢٢٦] ، وظرف المكان حقيقيا ، نحو : فتيل كربلاء وشهيد الدار ، ومجازيّا نحو (أَلَدُّ الْخِصامِ) [البقرة / ٢٠٤] ، وهذه الإضافة أعني الّتي بمعنى في أثبتها المصنّف (ره) تبعا لابن الحاجب وابن مالك.
__________________
(١) هو يوسف بن يوسف بن يسعون التحبيي الباجليّ ، كان نحويّا لغويّا ، وألّف : المصباح في شرح ما اعتمّ من شواهد الإيضاح. مات سنة ٥٤٠ ه ق. بغية الوعاة ٢ / ٣٦٣.