موجود من الآل ، فينبغى أن يكون الصّلاة والسّلام عليه أبلغ من الصّلاة والسّلام على غيره ، والجملة حالية ، إذ هي أعني لا سيما مع ما بعدها بتقديرها جملة مستقلّة ، كما قاله الرضيّ ، وعند الأخفش ما خبر لا ، ويلزمه قطع سيّ عن الإضافة من غير عوض. قيل : ويلزم كون خبر «لا» معرفة ، وأجيب بأنّه قد يقدّر ما نكرة موصوفة أو يكون قد رجع إلى قول سيبويه (١) في «لا رجل قائم» إنّ إرتفاع الخبر بما كان مرتفعا به لا بلاء النافية ، قاله ابن هشام في المغنى ، ولا يخفى أنّ الجواب الثاني لا يجدي نفعا فيما نحن فيه ، كما أشار إليه بعض المحقّقين.
وفي الهيتيات لأبي علي الفارسي (٢) ، إذا قيل : قاموا لا سيما زيد «فلا» مهملة ، وسيّ حال ، أى : قاموا غير ممّاثلين لزيد فى القيام.
قال ابن هشام : ويردّه صحّة دخول الواو ، وهي لا تدخل على الحال المفردة وعدم تكرّر لا ، وذلك واجب مع الحال المفردة ، كما تقول : رأيت زيدا لا مثل عمرو ولا مثل خالد.
وأجاب الدمامينيّ (٣) عن شقّي الاعتراض (٤) ، أمّا عن الأوّل فبالتزام دخول الواو عند اعتقاد أنّه منصوب على الحال ، ودخولها في قولك : قاموا ولا سيما زيد ، لا يرد ، لأنّ سيّا حينئذ لا يكون حالا ، بل هو اسم لا التبرئة ، فلم يلزم دخول واو الحال حينئذ على اسم مفرد. وأمّا عن الثاني فبالتزام وجوب التكرار ، وقد وجد معنى ، وإن انتفى لفظا ، والتكرير اللفظيّ ليس بشرط على ما ذهب إليه الزمخشريّ (٥) في قوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) [البلد / ١١] ، إنّه في معنى فلا فكّ رقبة ، ولا أطعم مسكينا. ووجه ذلك هنا أنّ قولك : قام القوم لا ممّاثلين زيدا ، في معنى قولك لا مساوين لزيد في حكم القيام ، ولا أولى منه به على ما تقرّر في أنّ المذكور بعد لا سيّما أولى بالحكم ، انتهى.
__________________
(١) عمرو بن عثمان بن قنبر إمام البصريّين سيبويه أبو بشر أصله من البيضاء قرب شيراز ونشأ فى البصرة وأخذ عن الخليل ويونس وكتابه فى النحو هو الكتاب. وقيل مات بشيراز سنة ١٨٠. المصدر السابق ، ٢ / ٢٣١.
(٢) أبو عليّ الفارسيّ : أبو الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي ، من أئمة النحو المذكورين في القرن الرابع الهجرى ولد بمدينة فسا من بلاد فارس من شيراز ، قدم بغداد وأخذ النحو عن أعيان علمائه ، من آثاره كتاب «الإيضاح في النحو» توفي سنة ٣٧٧ ه ق. دائرة المعارف فؤاد افرام البستاني ، ٤ / ٤٧٠. جاء في مغني اللبيب الهيتيات مسائل نحويّة أملاها في هيت. مغني اللبيب ص ٤١٢.
(٣) الدمامينىّ بدر الدّين محمّد (١٣٦٢ ـ ١٤٢٤) : عالم بالشريعة وفنون الأدب ، ولد في الإسكندرية وتوفّي في الهند ، من كتبه «تحفة الغريب فى شرح مغنى اللبيب» المنجد في الأعلام ، الطبعة الثانية ، دار الفقه ، ١٤٢٢ ه ، ص ٢٤٥.
(٤) يعني صحّة دخول الواو وعدم تكرّر لا.
(٥) محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الزمخشريّ أبو القاسم جار الله ، كان واسع العلم ، كثير الفضل ، متفننا في كلّ علم ، من تصانيفه : الكشاف في التفسير ، المفصل في النحو و... مات سنة ٥٣٨. بغية الوعاة ، ٢ / ٢٧٩.