بابشاذ في شرح الجمل خلافا لمن اشترط تذكير العلمين ، وعلّله بأنّهم لا ينسبون الرجل إلى أمّه ، وقد يثبت التنوين في الضرورة ، كقوله [من الرجز] :
٤٤٥ ـ جارية من قيس ابن ثعلبة |
|
... (١) |
ولو وقع ابن في جميع ذلك خبر المبتدإ أو لإنّ أو لكان أو لظننت أثبت التنوين لفظا والألف خطّا ، لأنّ الخبر لم يترّل مترلة الصفة بدليل جواز تقديمه وحذفه ، وكذا لو كان مثنّى أو مجموعا أو مصغّرا ، نحو : هذا زيد وعمرو ابنا خالد ، وزيد وعمرو وبكر أبناء خالد ، أو هذا زيد بني خالد ، لأنّ استعمال الواحد في هذا النوع أكثر من استعمال التثنية والجمع ، ولأنّ التقاء الساكنين يزول بالتصغير.
وأمّا اشتراط أن لا يكون أول سطر فلأنّه إذا كان في أول سطر كان في محلّ يبتدأ به غالبا ، لأن القارئ ينتهي إلى آخر السطر ، ثمّ يبتدأ بأوّل السطر الّذي بعده ، فكرهوا أن يكتبوا على خلاف ما لا يوجبه النطق غالبا.
«و» المنادى «المنوّن ضرورة» ، سواء كان علما ، أو نكرة مقصودة «يجوز ضمّه ونصبه» نحو قول الأحوص [من الوافر] :
٤٤٦ ـ سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام (٢) |
وردّت الرواية بالوجهين ، وقول كثير [من البسيط] :
٤٤٧ ـ حيّتك عزّة بعد الهجر وانصرفت |
|
فحيّ ويحك من حيّاك يا جمل |
ليت التحية كانت لي فأشكرها |
|
مكان يا جمل حيّيت يا رجل (٣) |
واختار الخليل وسيبويه الضمّ ، لأنّ الضمّ دعت إلى التنوين ، فأقرّت الكلمة على حالها (٤) ، حتى قال سيبويه في النصب : لم يسمع عربا يقوله ، لكن حفظه.
واختار أبو عمرو وعيسى النصب ، لأنّ أصل المنادى أن يكون معربا ، فلما دخلة التنوين عاد إلى اعرابه ، ولمّا عاد إلى الإعراب ، عاد إلى النصب ، ويظهر كما قال في الإرتشاف من قول سيبويه لم يسمع عربيّا يقوله ، وإنّ الخلاف لا على سبيل الاختيار بل على التحتّم.
وقال ابن عصفور بعد ذكر المذهبين : ومن نفي الضمّ لم يجز إلا النصب ، ووافق الأعلم وابن مالك الخليل في العلم وأبا عمرو في النكرة.
__________________
(١) تمامه «كريمة أنسابها والعصبة» ، وهو للأغلب. اللغة : الأنساب : جمع النسب : القرابة ، العصبة : الأقوام والعشيرة.
(٢) البيت للأحوص الأنصاري ، وكان يهوي امرأة ويشب بها ، ولا يفصح عنها ، فتزوّجها رجل اسمه مطر ، فغلب الأحوض على أمره ، فقال هذا الشعر.
(٣) اللغة : حيّتك : خطاب للجمل ، ويحك : كلمة ترحّم وتوجّع أو توبيخ.
(٤) سقطت هذه الجمل في «س».