قال ابن مالك : إنّ بقاء الضمّ راجح في العلم لشدّة شبهه بالضمير ، مرجوح في اسم الجنس لضعف شبهه بالضمير ، وتظهر فائدة ذلك في التابع ، فتابع المنوّن المضموم يجوز فيه الضمّ والنصب ، وتابع المنوّن المنصوب يجب نصبه. واختلف في تنوين المضموم ، فقيل : تنوين تمكين ، لأنّ هذا المبنيّ يشبه المعرب ، وقيل : تنوين ضرورة ، وإليه ذهب ابن الخبّاز. قال ابن هشام وبقوله أقول : لأنّ الاسم مبنيّ على الضمّ.
والمنادى «المضاف المكرّر» قبل المضاف إليه «يجوز ضمّه ونصبه ، كتيم الأول في نحو» قول جرير يهجو عمر بن النجار وقومه [من البسيط] :
٤٤٨ ـ يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم |
|
لا يلقينّكم في سوأة عمر (١) |
وأما الثّاني فيجب نصبه فالضمّ في الأوّل على كونه منادي مفردا ، وهو الأكثر ، فيكون تيم الثاني بيانا له ، أو بدلا منه ، أو منادي ثان بإضمار يا ، أو مفعولا بإضمار أعني.
قال ابن مالك : أو توكيدا ، ويمنعه اختلاف وجهي التعريف واتّصال الثاني ممّا لم يتّصل به الأوّل ، والنصب على كونه مضافا لما بعد الثاني عند سيبويه ، فيكون الثاني مقحما بينهما ، والأصل يا تيم عدي يا تيمه ، فحذف ضميره ، وأقحم للتأكيد ، وهو توكيد لفظيّ للأوّل ، والتاكيد اللفظيّ (٢) يأتي ، ولا يغيّر ما قبله ولا ما بعده عمّا كان عليه ، فلذلك بقي منصوبا.
وعلى نيّة الإضافة لمثل ما أضيف إليه الثاني عند المبرّد ، والأصل يا تيم عديّ تيم عديّ ، ولم يعوّض التنوين عن الاضافة إليه كما عوّض في قوله تعالى : (كُلًّا هَدَيْنا) [الأنعام / ٨٤] ، لأنّ القرينة الدالّة على المحذوف موجودة بعد مثل المضاف ، أعني عدي الظاهر الّذي أضيف إليه تيم الثاني ، فكان المضاف إليه الأوّل لم يحذف وعليه ، فيكون الثاني توكيدا أو بيانا أو بدلا أو منادي ثان على إضمار يا.
وضعف قول سيبويه بأنّه مبنيّ على جواز إقحام الأسماء ، وأكثرهم يأباه وعلى جوازه ، ففيه فصل بين المضاف والمضاف إليه ، وهما كالشيء الواحد ، وقول المبرّد بأنّه من باب الحذف من الأوّل لدلالة الثاني عليه ، وهو قليل في كلامهم ، والأكثر عكسه.
وقال الفرّاء : الاسمان مضافان للمذكور ، ولا إقحام ولا حذف ، وهو ضعيف لما فيه من توارد عاملين على معمول واحد ، وقال الأعلم : ركّبا تركيب خمسة عشر ، ثمّ
__________________
(١) اللغة : لا أبالكم : جملة قد يقصد بها المدح ، ومعناه حينئذ نفي نظير الممدوح بنفي أبيه ، وقد يقصد بها الذم ومعناه حينئذ أن المخاطب مجهول النسب.
(٢) سقط التأكيد اللفظي في «س».