بالأوّل ، وإنّما جئ به لبيان المضاف ، فكان الجميع كالشيء الواحد ، والمضاف إليه في خمسة عشر زيد مغاير للأوّل ، فلم يكن معه كالشيء الواحد.
أمّا في العقود فلأنّه لا يتصوّر إضافته ، لا مع حذف النون ولا مع إبقائها ، أمّا مع حذفها فلما يلزم من حذف نون أصليّة وضعت مع الكلمة ، وأمّا مع إبقائها فلأنّه يلزم إبقاء نون تشبه نون الجمع المحقّق ، وكلّ منهما مستكره مفرد ، نحو : (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف / ١٤] ، (هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) [ص / ٢٣].
وإنّما أفرد لكون المفرد هو الأصل ، وهو أخفّ من الجمع ، والغرض من التفسير به حاصل فلا يسوّغ العدول عنه من غير داع ، وأمّا قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) [الأعراف / ١٦٠] ، فليس أسباطا فيه بتمييز ، بل بدل من اثنتي عشرة ، والتمييز محذوف ، أي اثنتي عشرة فرقة ، ولو كان تمييز لذكّر العددان ، لأنّ السبط مذكّر.
وذهب بعضهم إلى أنّه تمييز ، وأجاب ابن مالك في شرح الكافية عن التأنيث بأنّه ممّا رجّح فيه اعتبار المعنى ، فذكر أممّا يرجّح حكم التانيث ، كما رجّحه ذكر كاعبان ومعصر في قول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل] :
٤٥١ ـ وكان مجنّي دون من كنت أتّقي |
|
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (١) |
وهذا منه مخالف لما في شرح التسهيل من أنّه بدل لا تمييز ، ويبقي الإشكال في أنّ أسباطا جمع ، ومميّز المركّب مفرد.
وفي الكشاف إنّ المراد : وقطعناهم اثنتي عشرة قبيلة ، وإنّ كلّ قبيلة أسباط لا سبط ، فأوقع أسباطا موقع قبيلة.
قال ابن مالك : ومقضي ما ذهب إليه أن يقال : رأيت إحدى عشرة أنعاما إذا أريد إحدى عشرة جماعة ، كلّ واحدة منها أنعام ، ولا بأس برأيه لو ساعده استعمال ، لكن قوله : كلّ قبيلة أسباط لا سبط مخالف لما يقوله أهل اللغة : إنّ السبط في بني اسرائيل بمترلة قبيلة من العرب ، فعلى هذا يكون معنى قطعناهم اثنتي عشرة قبائل ، فأسباط واقع موقع قبائل لا موقع قبيلة ، فلا يصحّ كونه تمييزا ، فالتمييز محذوف ، انتهى.
وقول الحديثيّ : الظاهر أنّ الزمخشريّ أعرف باللغة دفع للنقل بمجرّد دعوى لم يقم عليها دليل ، قال الدمامينيّ : وما إخالها إلا عصبيّة عجميّة أوجبت التحامل (٢) على أبناء العرب ، انتهى.
__________________
(١) اللغة : كاعبان : تثنية كاعب من كعبت الفتاة : نهد ثديها ، المعصر : اسم فاعل من أعصرت الفتاة : بلغت شبابها.
(٢) التحامل : التكلّف على مشقة وإعياء ما لا يطيق.