وفي التصريح إنّ القول بالبدليّة من اثنتي عشرة مشكل على قولهم : إنّ المبدل منه في نيّة الطرح غالبا ، ولو قيل : قطعناهم أسباطا لفاتت كميّة العدد ، وحمله على غير الغالب لا يحسن تخريج القرآن عليه ، انتهى. وفي سلبه الحسن عن غير الغالب نظر ، انتهى.
تنبيه : حكى الكسائي أنّ من العرب من يضيف العشرين وأخواته إلى مميّزه منكّرا أو معرّفا ، فيقول : عشرو درهم وأربعو ثوبة ، وهو شاذّ ، لا يقاس عليه ، فلا يرد على قضيته كلام المصنّف.
«و» مميّز «المائة والألف وتثنيتهما وجمعه» أي جمع الألف «مجرور» بإضافتها إليه «مفرد» ، نحو : مائة رجل ومائتي رجل وألف رجل وألفي رجل وثلاثة آلالف رجل ، وإنّما كان مجرورا مفردا ، لأنّ المائة والألف لما أشبها الثلاثة في اللفظ من حيث إنّهما من أصول العدد مثلها ، ولا تركيب فيها ، ولا زيادة ولا عطف ، وأشبها أحد عشر إلى تسعة وتسعين في الكثرة ، مع أنّهما يقترنان بهذا القسم ، أعطى مميّزهما أحد حكمي الثلاثة إلى العشرة ، وهو الجرّ ، وأحد حكمي أحد عشر إلى تسعة وتسعين ، وهو الإفراد توفيقا بين الشبهين ، ولم يعكس ، لأنّ المفرد هو الأصل مع حصول الغرض به.
وقد يجئ تمييز المأئة جمعا كقراءة الأخوين حمزة والكسائي : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) [الكهف / ٢٥] ، بحذف التنوين للإضافة ، ومن نوّن جعلها عطف بيان ، وجعلها بعضهم بدلا ، وردّ بأنّ البدل على نيّة طرح الأوّل ، ولو قيل : ولبثوا في كهفهم سنين لفات التنصيص على كميّة الأعداد ، ويجاب بأنّ نيّة الطرح غالبة لا لازمة.
قال الزّجاج : ولا يكون سنين تمييزا لما يلزم عليه أن يكون قد لبثوا تسعمائة سنة.
قال ابن الحاجب : ووجهه أنّه فهم من لغة العرب أنّ مميّز المائة واحد من مائة كقولك : مائة رجل ، فرجل واحد من مائة ، فلو كان تمييزا لكان واحدا من ثلاثمائة ، وأقلّ سنين ثلاثة ، فكأنّه قيل : ثلاثمائة ثلث سنين ، فيكون تسعمائه ، وهذا بعينه جاز في قراءة حمزه والكسائي بالإضافة ، فإنّ سنين فيها تمييز لا غير ، وإن لم يكن منصوبا.
قال الطييّ (١) : وهذا يطّرد في اثنتي عشرة أسباطا على القول بأنّه تمييز ، فيلزم أن يكون ستّة وثلاثين سبطا ، ثمّ قال ابن الحاجب : ما ذكره الزّجاج غير لازم ، لأنّ ذلك أنّما يلزم إذا كان المميّز مفردا ، وأمّا إذا كان جمعا فالقصد فيه كالقصد في وقوع التمييز جمعا ، انتهى.
__________________
(١) الحسن بن محمد الطيبي ، الإمام المشهور العلّامة في المعقول والعربيّة والمعاني والبيان. صنّف : شرح الكشاف ، التبيان في المعنى والبيان. شرح المشكاة. بغية الوعاة ١ / ٥٢٢.