والقياس بتذكير المذكّر وتأنيث المؤنّث ، ويشاركها في ذلك ما وازن فاعلا مطلقا ، والعشرة إذا ركّبت ، فتقول : الجزء الثالث والثالث عشر والمقامة الثالثة والثالثة عشرة.
«ولا يجمعهما» أي الواحد والاثنان «المعدود» ، فلا يقال : واحد رجل ولا اثنان رجلان ، «بل يقال : رجل ورجلان» ، لأنّ رجلا يفيد الجنس والوحدة ، ورجلين يفيد الجنس والاثنينيّة ، فلا فائدة في الجمع بينهما بخلاف البواقي ، فإنّه لا تستفاد العدد والجنس إلا من العدد والمعدود كليها ، فإذا قلت : ثلاثة ، أفاد العدّة دون الجنس ، وإذا قلت : رجال ، أفاد الجنس دون العدّة ، فإذا قصدت الإفادتين جمعت بين العدد والمعدود فقلت : ثلاثة رجال مثلا.
قال ابن هشام وغيره : وأمّا قوله [من الرجز] :
٤٥٤ ـ كأنّ خصييه من التّدلّل |
|
ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (١) |
فشاذّ ، لا يرد على ما تقرّر ، ولا يخفى أنّ التعليل المذكور لا يتأتّي في مثل هذا ضرورة أنّ جنس المعدود وهو حنظل لا يستفاد من العدد كما في رجلان.
قال عصام الدين في شرح الكافية : وتنقيح التعليل أنّ العرب استغنوا بتوحيد ما يجعل تمييزا عن الواحد وبتثنيته عن الاثنين بخلاف سائر الأعداد ، فإنّه لا يمكن تصرّف في تمييزها بوجه يغني عن ذكر العدد ، انتهى.
«والثلاثة إلى العشرة» بدخول الغاية «بالعكس» أي تؤنّث مع المذكّر ، وتذكّر مع المؤنّث ، سواء كان منهما حقيقيّا ، نحو : ثلاث نسوة وثلاثة رجال ، أو مجازيّا نحو قوله تعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) [الحاقة / ٧] ، فذكّر سبع مع ليال ، وهي مؤنّثة ، وأنّث ثمانية مع الأيّام ، وهي مذكّر.
قال [الأسترآباذي] في البسيط : وذلك للفرق وعدم الإلباس ، وهذا من غريب لغتهم ، لأنّ التاء علامة التأنيث ، وقد جعلت هنا علامة التذكير ، قال : وهذا الّذي قصد الحريرى بقوله في مقاماته الموطن الّذي يلبس فيه الذكران براقع النسوان وتبرز ربّات الحجال في عمائم الرجال ، انتهى.
وقال ابن مالك وغيره : إنّما حذفت التاء من عدد المؤنّث ، وأثبتت في عدد المذكّر في هذا القسم ، لأنّ الثلاثة وأخواته أسماء جماعات ، كزمرة وأمة وفرقة ، فالأصل أن يكون بالتاء لتوافق نظائرها ، فاستصحب مع المذكّر لتقدّم رتبته ، وحذفت مع المؤنّث
__________________
(١) تقدم برقم ٤٥٠.