وبطل أن تكون أصليّة لعدمها في أحد ، وبطل أن تكون لتكثير الكلمة لعدم كونها على أكثر من أربعة أحرف ثبت أنّها للتانيث. انتهى.
الثالث : إنّما جمعوا بين تأنيثين في إحدى عشرة لاختلاف لفظي العلامتين في اثنتي عشرة ، إمّا لأنّ التاء بدل عن الياء ، وليست للتأنيث ، أو لأنّها زائدة للإلحاق بأصبهان ، أو لأنّ إحدى الكلمتين معربة والأخرى مبنّة ، فكأنّهما قد تباينا ، أو لأنّهما متضافيان بدليل حذف النون ، أو لأنّ اثنتين بمترلة ثنتين وتاء ثنتين للإلحاق بمترلة التأنيث لسكون ما قبلها ، فكأنّما ألحقا بمثال جذع ، كما ألحقت أخت بمثال قفل ، فالتاء زائدة.
قال ابن هشام : كلّ ذلك قد قيل : والسؤال عندي من أصله ليس بالقويّ ، لأنهم قالوا في اسم الفاعل : خامس عشر في المذكّر وخامسة عشر في المؤنّث ، فأنّثوا الكلمتين جميعا ، وبنوهما على الفتح ، وذلك مجمع عليه ، وكذا في الباقي ، فدلّ على أنّهم اعتبروا حالة الكلمتين قبل التركيب ، انتهى.
الرابع : الحجازيّون يسكنون ثنتين عشرة في التركيب إذا كانت مختومة بالتاء كراهة توإلى أربع متحرّكات في ما هو كالكلمة الواحدة وبنو تميم تكسرها تشبيها بتاء كتف.
قال ابن بابشاذ : وهذا الموضع من أعجب الأشياء ، وذلك أنّ مذهب بني تميم في مثل كتف وفخذ التخفيف (١) ، ومذهب أهل الحجاز في مثل هذا الثقيل ، وقد انعكس المذهبان في هذا الباب ، وليس له علّة سوى أنّه حدث مع التركيب أحكام ، لم تكن قبل التركيب لمعنى يختصّ به ، انتهى.
وبعض بني تميم يفتحها إبقاء لها على أصلها ، وبذلك قرأ الأعمش : فانفجرت منه اثنتى عشرة عينا [البقرة / ٦٠]. وبعضهم يسكّن عين عشرة بمتحرّك الآخر لاجتماع أربع فتحات بخلاف اثني عشر ، وتقول : ثلاثة عشر رجلا بتأنيث الجزء الأوّل وتذكير الجزء الثاني ، وكذا في ما زاد إلى تسعة عشر رجلا بدخول الغاية في عدد المذكّر ثلاث عشرة امرأة بتذكير الجزء الأوّل وتأنيث الجزء الثاني ، وكذا في ما زاد إلى تسع عشرة بدخول الغاية أيضا في عدد المؤنّث برجوع العشرة بعد التركيب إلى الأصل دون النّيف تقليلا لخلاف الأصل.
تنبيه : إذا قلت : عندي ثماني عشرة امرأة ، فلك فتح الياء من ثماني ، لأنّها مفتوحة في ثمانية ، ولك إسكانها كما في معدي كرب ، وجاز حذفها قليلا مع بقاء كسر النون دليلا عليها وفتحها ، وهو أولى من الكسر لتوافق أخواتها ، لأنّها مفتوحة الأواخر مركّبة
__________________
(١) سقطت هذه الجملة في «س».