٥١٦ ـ عدس ما لعبّاد عليك إمارة |
|
أمنت وهذا تحملين طليق (١) |
أي والّذي تحملين طليق ، وأجيب بأنّ هذا طليق جملة اسميّة ، وتحملين حال ، أي وهذا طليق محمولا لك ، وذو الحال إمّا ضمير طليق ، فطليق هو الناصب للحال ، وإمّا طليق نفسه ، على أنّ الجملة كانت صفة له ، فقدّمت عليه ، فناصبها معنى التنبيه والإشارة.
وقال الشيخ سراج الدين البلقينيّ : يجوز أن يكون ممّا حذف فيه الموصول من غير أن يجعل هذا موصولا ، والتقدير هذا الّذي تحملين على حدّ قوله [من الطويل] :
٥١٧ ـ فو الله ما نلتم وما نيل منكم |
|
بمعتدل وفق ولا متقارب (٢) |
أي الّذي نلتم قال : ولم أر أحدا أخرجه على هذا ، انتهى ، وهو حسن.
الثاني : مقابل الأصحّ في «ذا» بعد من (٣) وما ، نقل عن بعضهم من منع كونه موصولا بعدها ، قال : لأنّ الأصل في ذا أن يكون للإشارة لمعيّن ، لكن لمّا دخل عليها ما الاستفهاميّة ، وهي في غاية الإبهام ، جرّدتها عن معنى الاشارة ، وجذبتها إلى الإبهام ، فجعلت موصولة ، ولا كذلك من لتخصيصها بمن يعقل ، فليس فيها الإبهام الّذي في ما ، فاستدلّ المجوّزون بالسماع ، وهو ما مرّ. وهذه الموصولات الستّ للمذكّر والمؤنّث وفروعهما ، فيكون بلفظ واحد للجميع ، ولا يرد ما مرّ في أي وذو من اللغات ، لأنّه شاذّ.
هذه «مسألة» تتعلّق بذا الموصولة. «إذا قلت» أنت للمخاطب «ماذا صنعت؟ ومن ذا رأيت»؟ فجئت بعد ذا بفعل متعدّ مفرغ عن ضمير «فذا موصولة» في المثالين لاستجماعها الشروط المتقدّمة ، «وما ومن» الاستفهاميّتان «مبتدءان» في محلّ رفع ، وذا مع صلتها خبرهما ، والعائد محذوف ، أي ما ذا صنعته ، ومن ذا رأيته.
«والجواب» عن كلّ منهما «رفع» ، أي مرفوع ، أو ذو رفع على المختار ، ليطابق السؤال الجواب في كون كلّ منهما جملة اسميّة ، فتقول : الإحسان أو زيدا : أي الّذي صنعته الإحسان ، والّذي رأيته زيد ، وهو أوجه الوجهين في قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة / ٢١٩] ، فيمن رفع العفو ، أي الّذي ينفقونه العفو ، والبدل كالجواب ، تقول : ماذا صنعت أخير أم شر؟ ومن ذا رأيت أزيد أم عمرو. وقال [من الطويل] :
__________________
(١) هو ليزيد بن مفرّغ. وروى «نجوت وهذا تحملين طليق» ، اللغة : عدس : صوت يرجز به البغل. عبّاد : هو ابن زياد بن أبي سفيان الّذي هجاه الشاعر بها ، الإمارة : الحكم ، الطليق : المطلق من الحبس.
(٢) لم يسمّ قائله.
(٣) سقط «من» في «ط».