٥١٨ ـ ألا تسألان المرء ما ذا يحاول |
|
أنحب فيقضي أم ضلال وباطل (١) |
ويجوز النصب بتقدير الفعل المذكور في السؤال ، والأوّل أولى ، ولذلك لم يعتبر المصنّف غيره.
تنبيه : قوله : وما ومن مبتدءان مبنيّ على مذهب سيبويه من جواز الإخبار بمعرفة عن نكرة متضمّنة معنى الاستفهام ، وعند غيره أنّ ذا في المثالين مبتدأ ، وما ومن خبران مقدّمان للزومهما الصدر ، ولا يكونان مبتدأين لكونها نكرتين (٢).
«و» يجوز «لك إلغاؤها» ، أي جعل ذا زائدة بين ما ومن ومدخولها ، فكأنّك قلت :
ما صنعت وما رأيت : «فهما» أي ما ومن حينئذ «مفعولان» مقدّمان في محلّ النصب بصنعت ورأيت ، وهذا إنّما يصحّ على مذهب الكوفيّين وابن مالك من جواز زيادة الأسماء ، والبصريّون على خلافه ، وهو الحقّ.
ولك «تركيبهما» أي ما ومن ، «معها» (٣) أي مع ذا فيصيران أسما واحدا من أسماء الاستفهام ، فماذا صنعت «بمعنى أيّ شيء» صنعت؟ ومن ذا رأيت بمعنى «أيّ شخص» رأيت ، وعلى ذلك قول بعضهم : عمّاذا تسأل؟ فأثبت الألف لتوسّطها في اسم الاستفهام بالتركيب ، ولو لا ذلك لحذفها ، كما سيأتي.
«فالكلّ» أي مجموع ما ذا ومن ذا في المثالين مفعول مقدّم في محلّ نصب بصنعت ورأيت ، «والجواب» عن كلّ منهما «على التقديرين» أي على تقديرها زائدة ، وتقديرها مركّبة مع اسمي الاستفهام ، «نصب» ، أي منصوب ، أو ذو نصب على المختار ليطابق السؤال في كون كلّ منهما جملة فعلية ، فتقول : الإحسان ، أو زيدا بالنصب ، أي صنعت الإحسان ، ورأيت زيدا ، وهو أوجه الوجهين في الآية في قراءة غير أبي عمرو : (قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة / ١٩] ، بالنصب والبدل كالجواب ، تقول : ماذا صنعت أخيرا أم شرّا؟ ومن ذا رأيت؟ أزيدا أم عمرا؟ ويجوز الرفع بتقدير مبتدإ محذوف ، والأوّل أولى ، ولذلك لم يعتبر المصنّف غيره.
«وقس عليه» أي على ما ذكر من المثالين ، ما إذا كان بعد ذا فعل لازم نحو : مإذا عرض؟ ومن ذا قام؟ فذا يجوز أن يكون موصولة ، أي ما الّذي عرض؟ ومن الّذي قام؟ ولك إلغاءها ، فكأنّك قلت : ما عرض؟ ومن قام؟ وتركيب ما ومن معها بمعنى أيّ شيء عرض؟ وأيّ شخص قام؟
__________________
(١) هو للبيد بن ربيعة العامري يمدح بها النعمان بن المنذر. اللغة : ألا : للعرض ، النحب : النذر ، يقضي مضارع قضى وطره أي أتمّه وبلغه.
(٢) يبدو أنّ الحقّ مع غير سيبويه في هذه المسالة ، لأنّ حقّ المبتدأ أن يكون معرفة إلا إذا كان له المسوّغ.
(٣) في بعض نسخ الصمدية «ولك تركيبها معها».