رفعا ونصبا ، فالرفع كقولهم : كان ما ذا ، والنصب كقول عايشة : أقول ما ذا. وأجاز بعض العلماء وقوعها تمييزا كقولك لمن قال : لك عندي عشرون ، عشرون مإذا ، انتهى.
ويبتني على ذلك أنّه لا يجب أن يقدّر الفعل المحذوف على شرطية التفسير في نحو : ماذا صنعته بعد ما ذا ، بل قبلها ، أي صنعت ما ذا صنعته بخلاف من ذا رأيته.
الرابع : قال ابن هشام : من أوجه ما ذا أن يكون كلّه اسم جنس بمعنى شيء ، أو موصولا بمعنى الّذي على خلاف في تخريج قول الشاعر [من الطويل] :
٥١٩ ـ دعي ما ذا علمت سأتّقيه |
|
ولكن بالمغيّب نبّئيني (١) |
فالجمهور على أنّ ما ذا كلّه مفعول دعي ، ثمّ اختلف ، فقال السيرافيّ وابن خروف : موصول بمعنى الّذي ، وقال الفارسيّ : نكرة بمعنى شيء ، قال : لأنّ التركيب يثبت في الأجناس دون الموصولات ، انتهى.
فتلخّص أنّ ما ذا تأتي على خمسة أوجه : أو تكون ذا إشاريّة أو موصولة أو زائدة ، وما في الثلاثة استفهاميّة. الرابع : أن يكون مجموعها اسم استفهام الخامس : أن يكون مجموعها اسم جنس أو موصولا على القولين ، وهذه الأوجه ما عدا الخامس جارية في من ذا أيضا (٢).
الخامس : ما تقرّر من حصر الموصولات فيما ذكر هو مذهب البصريّين ، وزعم الكوفيّون أنّ جميع أسماء الإشارة تقع موصولة كقوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ) [البقرة / ٨٥] ، أي أنتم الّذين وقوله : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ) [طه / ١٧] ، وأنّ الاسم المحلّي بأل يكون موصولا كقوله [من الطويل] :
٥٢٠ ـ لعمري لأنت البيت أكرم أهله |
|
فأقعد في أفيائه بالأصائل (٣) |
أي لأنت الّذي أكرم أهله ، وإنّ النكرة الواقعة بعدها جملة توصل بما بعدها ، نحو : هذا رجل ضربته ، فضربته عندهم صلة لرجل ، وإن النكرة إذا أضيفت إلى المعرفة جاز وصلها ، كقوله [من البسيط] :
٥٢١ ـ يا دار ميّة بالعلياء فالسند |
|
... (٤) |
فبالعلياء صلة لدار ، وكلّ هذا محمول عند البصريّين على غير ذلك.
__________________
(١) هو للمثقب العبدي أو لسحيم بن وثيل الرياحي. اللغة : دعي : اتركي ، المغيّب : المخفي من الأمر ، نبّئيني : أخبريني.
(٢) سقطت هذه الجملة في «س».
(٣) هو لأبي ذؤيب الهذلي. اللغة : أفياء : جمع الفئ : ما كان شمسا فنسخه الظلّ.
(٤) تمامه «أقوت وطال عليها سالف الأبد» ، وهو للنابغة الذبياني. اللغة : ميّة : اسم المرأة الّتي يشبّب بها ، العلياء : المرتفع من الأرض ، السند : سند الوادي في الجبل ، وهو أوّل ارتفاعه ، لعله أراد موضعين بعينهما ، أقوت : خلت من أهلها ، السالف : الماضي.