تكميل : لا بأس بذكر ما أهمله المصنّف (ره) من أحكام الموصول ممّا تشتدّ الحاجة إليه ، وتتوفّر الرغبة عليه وذلك في مسائل :
إحداها : لا يتقدّم الصلة على الموصول ، فلا يقال : جاءني أكرمته الّذي ، ولا تتأخّر عن خبره ، فلا يقال : الّذي زيد أكرمته ، ولا عمّا استثنى منه ، فلا يقال : جاء الّذين إلا زيدا أكرمتهم ، ولا تتعلّق بما قبله بأن تكون مصدّرة ببل أو لكن أو علامة جواب القسم ونحو ذلك ، ممّا له تعلّق بما قبل الموصول ، ولا يفصل بينهما بأجنبيّ كتابع وغيره ، فلا يقال : جاء الّذين كلّهم ضربوا زيدا ، واغتفرت جملة الاعتراض والنداء إذا وليه مخاطب ، نحو قوله [من البسيط] :
٥٢٢ ـ ماذا ولا عتب في المقدور رمت أما |
|
يكفيك بالنّجح أم خسر وتضليل (١) |
وقوله [من الكامل] :
٥٢٣ ـ ذاك الّذي وأبيك يعرف مالكا |
|
والحقّ يدفع ترّهات الباطل (٢) |
وقول الآخر [من الطويل] :
٥٢٤ ـ وأنت الّذي يا سعد أبت بمشهد |
|
كريم وأثواب السّيادة والحمد (٣) |
وشذّ قوله [من الطويل] :
٥٢٥ ـ تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني |
|
تكن مثل من يا ذئب يصطحبان (٤) |
الثانية : قد يحذف ما علم من موصول اسميّ غير أل اختيارا عند الكوفيّين ، وتبعهم ابن مالك ، وشرط في بعض كتبه كونه معطوفا على موصول آخر ، ومن حجّتهم قوله تعالى : (آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) [العنكبوت / ٤٦] ، أي والّذي أنزل إليكم ، لأنّ الّذي أنزل إلينا ، وليس هو الّذي أنزل إلى من قبلنا ، ولهذا أعيدت ما في قوله تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ) [البقرة / ١٣٦] ، وقول حسان [من الوافر] :
٥٢٦ ـ أمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
وقول آخر [من الخفيف] :
٥٢٧ ـ ما الّذي دأبه احتياط وحزم |
|
وهواه أطاع يستويان (٥) |
أي ومن يمدحه ، والّذي أطاع هواه.
__________________
(١) لم يسمّ قائله.
(٢) البيت لجرير. اللغة : الترهات : جمع ترّهة أي : الطريق الصغير المتشعب عن الطريق الأعظم.
(٣) هو لحسان بن ثابت. اللغة : أبت : رجعت.
(٤) هو للفرزدق. اللغة : تعشّ : أمر من التعشّي.
(٥) لم يسمّ قائله. اللغة : الدأب : العادة والشأن.