ومنع ذلك البصريّون وخصّوه بالشعر ، قال الرضيّ : ولا وجه لمنعهم من ذلك من حيث القياس ، إذ قد يحذف بعض حروف الكلمة ، وإن كانت فاء أو عينا ، نحو : شية وسية ، وليس الموصول بألزق منها.
ولا يحذف من الموصولات الحرفيّة إلا أنّ في المواضع المخصوصة كما يجيء في الأفعال المنصوبة وذلك لقوّة الدلالة عليها وكون الحروف الّتي قبلها كالنائبة عنها.
الثالثة : يجوز حذف الصلة قليلا لدلالة صلة أخرى كقوله [من الطويل] :
٥٢٨ ـ وعند الّذي واللات عدنك إحنة |
|
عليك فلا يغررك كيد العوائد (١) |
أي الّذي عادك أو دلالة غيرها كقوله [من مجزوء الكامل] :
٥٢٩ ـ نحن الإلى فاجمع جمو ... |
|
عكّ ثمّ وجّههم إلينا (٢) |
أي نحن الألى عرفوا ، والتزم حذفها بعد اللتيا معطوفا عليها الّتي إذا قصد بهما الدواهي ، ليفيد حذفها أنّ الداهيتين الصغيرة والكبيرة وصلتا إلى حدّ من العظم تقصر العبارة عن الإحاطة به ، فلذلك تركتا على إبهامهما بغير صلة مبنيّة ، ويجوز أن يكون تصغير اللتيا للتعظيم كقوله [من الطويل] :
٥٣٠ ـ ... |
|
دويهيّة تصفرّ منها الأنامل (٣) |
وهي تصغير الّتي على خلاف القياس ، لأنّ قياس التصغير أن يضمّ أول المصغّر ، وهذا أبقي على فتحته الأصليّة فرقا بين تصغير المعرب والمبنيّ ، وعوّضوا عن ضمّ أوّله زيادة الألف في آخره كما فعلوا في نظائره من اللذيا وذيا ، ومن العرب من يقول : اللّذيا واللتيا بضمّ الأوّل على القياس ، فيجمع في التضغير بين الضمّة والألف ، وسيأتي الكلام على حذف العائد عند الكلام على جملة الصلة في حديقة الجمل ، إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) لم يسمّ قائله. اللغة : الإحنة : الحقد ، يغررك : يخدعك ، الكيد : المكر.
(٢) هو لعبيد بن الأبرص.
(٣) صدره «وكلّ أناس سوف تدخل بينهم» ، وهو للبيد بن ربيعة. اللغة : الدويهية : تصغير داهية : المصيبة وأراد بها هنا الموت ، الأنامل : جمع أنملة وهي رؤوس الأصابع ، واصفرار الأنامل علامة للموت وكناية عنه.