الابتداء أو إنّ ، وبانتصاب آيات على التوكيد للأولى ، ورفعها على تقدير مبتدأ ، أي هي آيات وعليهما فليست مقدّرة ، فتأوّلوا البيت والمثل بإضمار الجارّ ، أي وكلّ نار توقّد في اليل نارا ، ولا كلّ سوداء تمرة ، وكذا يضمرون الجارّ في كلّ صورة توهّم الجواز. قال ابن هشام : وممّا يشكل على مذهب سيبويه ومن قال بقوله قوله [من المتقارب] :
٥٦٧ ـ هوّن عليك فإنّ الأمور |
|
بكفّ الإله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيّها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها (١) |
لأنّ قاصر عطف على مجرور الباء ، فإن كان مأمورها عطفا على مرفوع ليس لزم العطف على معمولي عاملين ، وإن كان فاعلا بقاصر لزم عدم الارتباط بالمخبر عنه ، إذ التقدير حينئذ فليس منهيها بقاصر عنك مأمورها ، وقد أجيب بالثاني ، وأنّه لمّا كان الضمير في مأمورها عائد إلى الأمور ، كان كالعائد عن المنهيّات لدخولها في الأمور.
الرابع : الجواز إن كان أحد العالمين جارّا حرفا أو اسما سواء تقدّم المجرور المعطوف ، نحو : في الدار زيد الحجرة عمرو ، أم تأخّر ، نحو : في الدار زيد وعمرو الحجرة.
الخامس : الجواز إن تقدّم المجرور المعطوف سواء تقدّم (٢) في المعطوف عليه نحو : في الدار زيد والحجرة عمرو أم لا ، نحو : زيد في الدار والحجرة عمرو ، بخلاف ما إذا تأخّر ، نحو : في الدار زيد وعمرو الحجرة ، وهو قول الاخفش والكسائي والفرّاء والزجّاج.
السادس : الجواز في غير العوامل اللفظيّة والمنع فيها ، وغير اللفظيّة هي الابتدائيّة ، فيجوز نحو : زيد في الدار والقصر بكر ، لأنّ الابتداء رافع لزيد ولبكر ، فكان العطف على معمول واحد ويمتنع : إنّ في الدار زيدا والحجرة عمرا ، وهو قول ابن طلحة.
السابع : الجواز في غير اللفظيّة وفي اللفظيّة الزائدة ، لأنّه عارض ، والحكم للأوّل نحو : ليس زيد بعالم ولا خارج أخوه ، وما شرب من عسل ولا لبن بكر ، وإنّما يمتنع في اللفظيّة المؤثّرة لفظا ، وهذا قول ابن الطراوة ، وخرج بتقييد المسألة بمعمولي عاملين ، العطف على معمولي عامل واحد ، وعلى معمولي أكثر من عاملين.
قال ابن هشام وغيره : أجمعوا على جواز العطف على معمولي عامل واحد ، نحو : إنّ زيدا ذاهب وعمرا جالس ، وعلى معمولات عامل ، نحو : أعلم زيد عمرا بكرا
__________________
(١) هما اللأعور الشني. اللغة : هوّن : أمر من التهوين وهو عدّ الشيء يسيرا ، الكفّ هنا استعارة عن اليد أي بيد قدرته ، المنهيّ : ضد المأمور.
(٢) سقط «سواء تقدّم» في «ح».