لا حاجة إلى ذكر الأفراد ، لأنّ الكلّي ما لم يلحظ إفراده مجتمعة ، ولم تصر أجزاء لا يصحّ تأكيده بكلّ وجميع ، انتهى.
«يصحّ افتراقها» أي الأجزاء ، نحو : جاء القوم كلّهم أو جميعهم أو عامّتهم. فالقوم ذو أجزاء يصحّ افتراقها ، وهي زيد وعمرو وبكر وغيرهم. ولا يجب صحّة افتراقها حسّا كهذا المثال ، بل صحّته «ولو» كان «حكما ، نحو : اشتريت العبد كلّه» أو جميعه أو عامّته ، فالعبد ذو أجزاء ، يصحّ افتراقها باعتبار الشراء مثلا ، وإن لم يصحّ افتراقها باعتبار ذاته ، بخلاف جاء زيد كلّه ، فإنّه لا يصحّ افتراق أجزائه ، لا حسّا ولا حكما ، وإنّما يؤكّد بهذه الألفاظ ذو أجزاء كذلك ، لأنّها إنّما تكون لتقرير الشمول الحكم ، فما لم يكن المؤكّد كذلك لم يمكن توهّم أنّ المراد الحكم على البعض ، وإنّما حكم على الكلّ تجوّزا.
«وتتّصل» أي ألفاظ التوكيد المعنويّ «بضمير» عائد إلى المؤكّد لفظا ، ليحصل الربط بين التابع والمتبوع «مطابق للمؤكّد» في تذكيره وتأنيثه وإفراده ، نحو : جاء زيد نفسه ، وهند نفسها ، والزيدان كلاهما والهندان كلتاهما والزيدون كلّهم والهندات كلّهنّ كذا والباقي.
فليس من التوكيد «جميعا» في قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة / ٢٩] ، خلافا لمن وهم ، ولا من التؤكيد بكلّ قراءة بعضهم : إنا كلا فيها [غافر / ٤٨] ، خلافا للفرّاء والزمخشريّ لعدم الضمير فيها ، بل الصواب أنّ جميعا حال من ما الموصولة ، وكلّا بدل من اسم إنّ ، وإبدال الظاهر من ضمير الحاضر بدل كلّ جائز ، إذا كان مفيدا للاحاطة ، نحو : قمتم ثلاثتكم ، وبدل الكلّ لا يحتاج إلى الضمير.
ويجوز في كلّ أن تلي العوامل إذا لم تتّصل بالضمير ، نحو : جاءني كلّ القوم. ويجوز مجيئها بدلا بخلاف جاءني كلّهم ، فلا يجوز إلا في الضرورة ، وخرّجها ابن مالك أنّ كلّا حال من ضمير الظرف ، وفيه ضعفان : تنكير كلّ بقطعها عن الإضافة لفظا ومعنى ، وهو نادر كقول بعضهم : مررت بهم كلّا ، أي جميعا ، وتقديم الحال على عاملها الظرفيّ ، قاله ابن هشام في المغني.
تنبيه : التوكيد بجميع وعامّة غريب ، ولذلك أهملهما أكثر المصنّفين ، ومن التوكيد بجميع قول امرأة من العرب ترقص ولدها [من الرجز] :
٥٧٩ ـ فداك حيّ خولان |
|
جميعهم وهمدان |
والتاء في عامّة لازمة بمترلة هاء في نافلة فتصلح مع المذكّر والمؤنّث ، تقول : اشتريت الأمة عامّتها ، والعبد عامّته ، كما قال تعالى : (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) [الأنبياء / ٧٢] ،