٥٨٢ ـ ... |
|
تحملني الذّلفاء حولا أكتعا (١) |
وقول أعشي ربيعة (٢) [من الوافر] :
٥٨٣ ـ تولّوا بالدّوابر واتّقونا |
|
بنعمان بن زرعة أكتعينا (٣) |
وحمله المانعون على الضرورة.
الثالث : اختلف في هذه الكلمات عند اجتماعها ، هل كلّ منها توكيد لما قبله ، أم جميعها توكيد للمؤكّد الأوّل؟ قال الرضيّ ، قال ابن برهان (٤) : إذا قلت : جاءني القوم كلّهم أجمعون اكتعون أبصعون أتبعون ، كلّهم تأكيد للقوم ، وأجمعون تاكيد لكلّهم ، وكذا البواقي ، كلّ واحد منها توكيد لما قبله ، وقال غيره : بل كلّها تأكيد للمؤكد الأوّل كالصفات المتتالية ، انتهى. قلت : ويفهم من كلام بعض النحاة قول ثالث ، وهو أنّ أجمعين توكيد لما قبله وما بعده جمعه توكيد له.
الرابع : قال ابن هشام في شرح الملحة : يجوز أن يجمع بين جميع ألفاظ التوكيد في تركيب واحد ، وذلك للمبالغة في التأكيد ، وما أظنّ العرب فاهت بجميع الجميع ، وإنّما هذا قياس من النّحويّين ، انتهى. وقال في تذكرته نقلا عن ابن عصفور : إذا اجتمعت ألفاظ التوكيد بدأت بالنفس والعين فأجمع وأكتع وأبصع وأبتع ، وأنت مخيّر بين أبصع وأبتع ، فأيّهما شيءت قدّمته ، فإن حذفت النفس ، أتيت بما بعدها مرتّبا ، أو العين فكذلك ، أو أجمع ، لم تأت بأكتع وما بعده ، لأنّ ذلك توكيد لا جمع ، فلا يؤتى بدونها ، انتهى.
وقال الرضيّ : المشهور أنّك إذا أردت ذكر أخوات أجمع وجب الابتداء بأجمع ، ثمّ تجئ بأخواته على هذا الترتيب أجمع أكتع أبصع ، ولا خلاف أنّه لا يجوز تأخير أجمع عن أخواته. وقال ابن كيسان : تبدأ بأيّهنّ شيءت بعد أجمع ، انتهى.
الخامس : قال بعضهم : أخوات أجمع تابعة لها على معنى أنّها إذا أفردت دونها لم يكن لها معنى ، نحو : حسن بسن وشيطان ليطان ، والأكثرون على أنّ أكتع مأخوذ من
__________________
(١) صدره «يا ليتني كنت صبيّا مرضعا» ، ولا يعلم قائله. اللغة : الذلفاء : أصله وصف لمؤنث الأذلف ، وهو مأخوذ من الذلف وهو صغر الأنف واستواء الأرنبة ، ثمّ نقل إلى العلمية فسم
(٢) أعشى ربيعة (٨٥ ه / ٧٠٤ م) : هو عبد الله بن خارجة من شيبان ، كان شديد التعصب لبني أميّة ، وشعره فيهم صادق العاطفة. سهل الاسلوب. تعصف فيه الغيرة على سلطانهم والثورة على خصومهم. الجامع في تاريخ الأدب العربي ، ١ / ٥٠٣.
(٣) اللغة : الدوابر : جمع الدابر : آخر السهام.
(٤) عبد الواحد بن على بن عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن برهان ، صاحب العربية واللغة والتواريخ ، ومات سنة ٤٥٦ ه ق. بغية الوعاة ، ٢ / ١٢٠.