حول كتيع ، أي تامّ ، وأبصع من تبصّع العرق ، أي سال. قال الرضيّ : والمشهور أبصع بالصاد المهملة. وقيل : أبضع بالضاد المعجمة ، انتهى.
وفي القاموس تبضّع العرق ، وتبصّع وبالعجمة أصحّ ، وأتبع من التبع بالتحريك ، وتقديم الباء الموحّدة على التاء المثنّاة من فوق ، وهو طول العنق مع شدّة مغرزها. قال بعضهم : ويمكن استنباطات مناسبات خفيّة بين هذه المعاني ومعناها التوكيديّ بالتأمّل الصادق.
السادس : الجمهور على أنّه لا تعرض في أجمعين إلى اتّحاد وقت الفعل ، بل معناه ومعنى كلّ سواء ، وذهب الفرّاء والزجّاج والمازنيّ والمبرّد إلى أنّه يفيد مع التوكيد الاجتماع في وقت الفعل ، فإذا قيل : قام القوم كلّهم ، احتمل قيامهم مجتمعين ومتفرقين ، وإذا قيل : أجمعون أفاد أنّ قيامهم في وقت واحد ، وأنّ هذا هو السبب في ذكر أجمعين بعد كلّ في الآية ، وردّ بقوله تعالى : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [الحجر / ٣٩] ، فإنّ إغواء الشيطان لهم ليس في وقت واحد.
قال بعض المحقّقين : ومن قال بإفادة الاجتماع لاحظ أنّه بحسب أصل الاشتقاق يدلّ على الاجتماع ، فلا يبعد قصد ذلك المعنى مع قصد المبالغة تكثيرا للفائدة ، انتهى. وهذا التوجيه لا يسمن ولا يغني من جوع ، ومن توهّمه جوابا عن الردّ عليهم بنحو آيه الاغواء فقد أغرب.
السابع : ألفاظ التوكيد معارف ، أمّا ما أضيف إلى الضمير فظاهر ، وأمّا أجمع وتوابعه ففي تعريفه قولان : أحدهما أنّه بنيّة الإضافة ، ونسب إلى سيبويه والثاني : أنّه بالعلمية علّق على معنى الإحاطة. قال محمد بن مسعود الغزني (١) في البديع : وتعريفها كتعريف أسامة ، انتهى. ولكون هذه الألفاظ معارف منع البصريّون نصبها على الحال ، قاله المراديّ في شرح الألفية.
هاتان «مسألتان» ، الأولى : «لا تؤكّد النكرة» بالتوكيد المعنويّ «إلا مع الفائدة». هذا ما ذهب إليه الكوفيّون والأخفش ، واختاره ابن مالك في جميع كتبه لصحة السماع به ، ولأنّ فيه فائدة ، لأنّ من قال : صمت شهرا ، قد يريد جميع الشهر ، وقد يريد أكثره ، ففي قوله احتمال ، يرفعه التوكيد. قال ابن هشام في الأوضح : وهذا المذهب هو الصحيح.
__________________
(١) محمد بن مسعود الغزنيّ المتوفى سنة ٤٢١ ه سمّاه ابن هشام ابن الزكي ، صاحب كتاب البديع في النحو. بغية الوعاة ١ / ٢٤٥.