الثاني : قال السعد التفتازانيّ في شرح التلخيص : فائدة عطف البيان لا تحصر في الإيضاح لما ذكر صاحب الكشاف أنّ البيت الحرام في قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) [المائدة / ٩٧] ، عطف بيان جئ به للمدح للإيضاح ، كما تجئ الصفة لذلك ، انتهى. وردّ أبو حيّان قول الزمخشريّ بأنّهم شرطوا في عطف البيان الجمود ، والجامد ليس فيه إشعار بمدح ، إنّما يشعر بالمدح المشتقّ ، إلا أن يقال إنّه لمّا وصف عطف البيان هنا بقوله : الحرام اقتضي المجموع المدح ، فيمكن ذلك ، انتهى.
وقضيّة كلام بعضهم أنّ مجئ عطف البيان للمدح رأي أهل المعاني دون النّحويّين ، فلا يرد على من اقتصر في فائدته على ذكر الإيضاح من النّحويّين ، ولو سلم أنّه رأي الجميع ، أمكن أن يقال : إنّ ذلك مسكوت عنه ، فلا يرد ، أو إنّه باعتبار الأعمّ الأغلب.
الثالث : اشترط الجرجانيّ والزمخشريّ كون البيان أخصّ من متبوعه ، وهو مخالف لقول سيبويه في : يا هذا ذا الجمّة ، أنّ ذا الجمة عطف بيان ، مع أنّ الإشارة أخصّ من المضاف إلى ذي الأداة كما قاله ابن هشام (١).
وقال البدر بن مالك : وهو مخالف للقياس أيضا ، لأنّ عطف البيان في الجامد بمترلة النعت في المشتقّ ، ولا يلزم تخصيص النعت باتّفاق ، فلا يلزم زيادة تخصيص عطف البيان ، انتهى.
وقصرهما نقل الاشتراط المذكور على الرجلين تبعا فيه ابن مالك في شرح الكافية ، والصواب أنّه قول أكثر النّحويّين ، كما قاله في حاشية التسهيل ، لا يقال : يلزم من كونه موضحا أن يكون أعرف ، لأنّا نقول : جاز أن يوضح متبوعه عند الاجتماع ، ولا يكون أوضح منه عند الانفراد ، قاله السّيّد الشريف في شرح المفتاح.
«ويتبعه» أي يتبع عطف البيان متبوعه وجوبا «في أربعة من عشرة» أوجه الإعراب الثلاثة والإفراد والتذكير وفروعهنّ «كالنعت» ، تقول : جاءني محمد أبو الفضل ، كما تقول : جاءني محمد الفاضل ، فأبو الفضل والفاضل مرفوعان ، والرفع واحد من ثلاثة ، وهي الرفع والنصب والجرّ ، ومفردان ، والإفراد والتثنية واحد من ثلاثة أيضا ، وهي الإفراد والتثنية والجمع ، ومذكّران ، والتذكير واحد من اثنين ، وهما التذكير والتأنيث ، ومعرّفان ، والتعريف واحد من اثنين أيضا ، وهما التعريف والتنكير.
ويصحّ في عطف البيان إعرابه بدل كلّ من كلّ لما فيه من البيان «ويفترق» عطف البيان عن البدل «في نحو : هند قام أخوها زيد» ، فزيد عطف بيان على أخوها ، ولا يجوز أن يكون بدلا منه ، لأنّه لو كان بدلا منه لكان مستغنى عنه ، لأنّ المبدل منه مستغنى عنه
__________________
(١) سقطت «كما قاله ابن هشام» في «ط».