في الكلام ، وهنا لا بدّ منه لاشتماله على ضمير رابط للجملة الواقعة خبرا لهند ، إذ الجملة الواقعة خبرا لا بدّ لها من رابط يربطها بالمخبر عنه كما سيأتي ، والرابط هنا هو الضمير المضاف إليه الأخ الّذي هو متبوع زيد ، ولو أسقط لم يصحّ ، فوجب أن يكون أخوها عطف بيان لا بدلا.
تنبيه : قضية قوله إنّ المبدل منه مستغنى عنه أنّه في حكم المطروح لفظا ومعنى ، وهو مذهب المازنيّ ، حكى عنه أنّه كان يقول : إذا أبدلت من الشيء فقد طرحته من لفظيّ ، ولهذا جعل الزمخشري : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) عطف بيان على الضمير في (بِهِ) من قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) [المائدة / ١١٧] ، أي (اعْبُدُوا اللهَ)(١) قال في المغني : وإنّما لم يجعله بدلا توهّما منه أنّ ذلك يخلّ بعائد الموصول ، لأنّ المبدل منه في قوة الساقط ، فتبقي الصلة بلا عائد ، والعائد موجود حسّا ، فلا مانع ، انتهى.
والحقّ أنّ المبدل منه ليس في حكم الطرح لا لفظا ولا معنى إلا في بدل الغلط ، كما سنبيّنه من كلام الرضيّ ، فعلى هذا لا مانع من جعل زيد في مثال المصنّف بدلا من أخوها. وقد هدي الزمخشريّ في المفصّل إلى الحقّ في المسألة ، فقال وقولهم : إنّ البدل في حكم تنحية الأوّل إيذان منهم باستقلاله بنفسه ومفارقته التأكيد والصفة في كونهما تتمتين لما يتبعانه لا أن يعنوا إهدار الأوّل وإطراحه ، ألا تراك تقول : زيد رأيت غلامه رجلا صالحا ، فلو ذهبت تهدر الأوّل لم يسدّ كلامك ، انتهى كلامه (٢).
ومثاله هذا نظير مثال المصنّف ، وفي الارتشاف عن الفارسيّ أنّ معنى قولهم : إنّ المبدل في نيّة الطرح أنّه يقدّر له عامل من جنس الأوّل يعمل به ، لا إنّ الأوّل مطروح ألبتّة ، لأنّ في كلام العرب ما يبطل ذلك ، كزيد ضربته إيّاه ، فلو طرح الضمير لم يبق ما يربط الجملة بالابتداء.
وقال الرضيّ ـ عليه من الله الرضا ـ لا كلام في أنّ المبدل ليس في حكم الطرح لفظا لوجوب عود الضمير إليه في بدل البعض والاشتمال ، وفي بدل الكلّ أيضا ، إذا كان المبدل منه ضميرا (٣) لا يستغنى عنه ، نحو : ضربت الّذي مررت به أخيك ، أو ملتبسا بضمير كذلك ، نحو : الّذي ضربت أخاه زيدا كريم ، وقد يعتبر الأوّل في اللفظ دون الثاني ، قال [من الكامل] :
٥٩٨ ـ وكأنّه لهق السراة كأنّه |
|
ما حاجبيه معيّن بسواد (٤) |
__________________
(١) سقط من عطف بيان إلى هنا في «ح».
(٢) الزمخشري ، المفصل في صنعة الإعراب ، الطبعة الأولى ، بيروت ، دار لكتب العلمية ، ١٤٢٠ ه. ص ١٥٥.
(٣) سقط ضميرا في «ح».
(٤) هو للأعشي. اللغة : اللهق : البياض ، السراة : أعلى الشيء. وثور الوحش يوصف بأنّه لهق السراة.