/ ٩٦] ، قرئ بجرّ الشمس والقمر عطفا على الليل ، وبنصبهما بإضمار جعل ، أو عطفا على محلّ الليل ، لأنّ اسم الفاعل هنا ليس في معنى المضيّ ، فتكون إضافته حقيقية ، بل هو على جعل مستمرّ في الأزمنة المختلفة ، ومثله : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام / ٩٥] ، و (فالِقُ الْإِصْباحِ) [الأنعام / ٩٦] ، كما تقول : زيد قادر وعالم ، ولا تقصد زمانا دون زمان ، انتهى.
وناقض ذلك في محلّ آخر منه ، فقال : إذا قصد باسم الفاعل معنى الماضي كقولك : هو مالك عبده أمس أو زمان مستمرّ كقولك : زيد مالك العبيد ، كانت الإضافته حقيقية كقولك : مولي العبيد ، قال : وهذا هو المعنى في : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الحمد / ٣] ، انتهى. فالتناقض بين كلاميه ظاهر.
قال السعد التفتازاني في حواشيه : وذكر في وجه التوفيق أنّ الاستمرار لما تناول الماضي الحال والاستقبال فبالنظر إلى حال الماضي تجعل الإضافة حقيقية كما في : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وإلى الأخيرين غير حقيقية كما في : جاعل الليل سكنا ، انتهى.
وقال المحقّق الجرجاني : وأجيب بأنّه أيضا لا منافاة بين أن يكون المستمرّ عاملا ومضافا إضافة حقيقية ، لأنّ المستمرّ لمّا احتوي على المضي ومقابليه روعي الجهتان معا ، فجعلت الإضافة حقيقية نظرا إلى الجهة الأولى ، واسم الفاعل عاملا نظرا إلى الجهة الثانية ، وليس بشيء ، لأنّ مدار كون إضافته حقيقية أو غيرها على كونه عاملا أو غير عامل ، انتهى.
وقال بعض المحقّقين : ـ ونعم ما قال ـ إن المستمرّ يصحّ عمله نظرا إلى اشتماله على الحال أو الاستقبال وإلغاؤة نظرا إلى الماضي ، فتحتمل إضافته قسمي الإضافة.
الثالث : زاد بعضهم لعمل اسم الفاعل شرطين آخرين : أحدهما أن لا يصغّر ، والثاني أن لا يوصف ، فلا يقال : جاء رجل ضويرب زيدا ، ولا رأيت ضاربا مسيئا زيدا لمباينته حينئذ للفعل. قال ابن مالك في سبك المنظوم : لا خلاف في منع عمل المصغّر ، وردّ بأنّ الكوفيّين خلا الفرّاء أجازوه مطلقا قياسا على المثنّى والمجموع.
وأمّا إعمال الموصوف ففيه ثلاثة مذاهب : المنع مطلقا ، وعليه ابن مالك وأبو البقاء ، والجواز مطلقا ، وعليه الكسائيّ وغير الفرّاء من الكوفيّين ، والجواز بعد العمل لا قبله وعليه البصريّون والفرّاء.
الرابع : وجود الشروط لا يوجب عمله ، بل تجوز إضافته إلى مفعوله ، وقد قرئ بالوجهين : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق / ٣] ، (هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) [الزمر / ٣٨].