يتبيّن غلط من حكى الإجماع على القول الأوّل ، واسم الفاعل الأصحّ فيه كونه صلة لأل كما تقدّم.
«وبعملها من غير شرط زمان» ماض أو حال أو استقبال ، لأنّها بمعنى الثبوت ، فلا وجه لاشتراط الزمان فيها ، لأنّ ما لم يدلّ على حدوث ، لا تعلّق له بالزمان ، بخلاف اسم الفاعل ، فقد مرّ أنّه يشترط لعمله زمان الحال أو الاستقبال ، وأمّا شرط الاعتماد فلا بدّ منه ، وإنّما لم يذكره هنا ، لأنّ ذكره ثمّة كاف ، لأنّ الصفة المشبهة فرع اسم الفاعل ، فهي أحوج إلى الاعتماد منه.
«وبمخالفة فعلها في العمل» ، فإنّها تنصب مع قصور فعلها كما سيأتي بخلاف اسم الفاعل ، فإنّه لا يخالف فعله.
«وبعدم جريانها على» الفعل «المضارع» ، بخلاف اسم الفاعل ، فإنّه لا يكون إلا مجاريا للمضارع في تحرّكه وسكونه ، والمراد تقابل حركة بحركة وسكون بسكون ، لا تقابل حركة بعينها ، إذ لا يشترط التوافق في أعيان الحركات ، ولهذا قال ابن الخشاب : هو وزن عروضيّ لا تصريفيّ.
والقول بعدم جريانها عليه كما قال المصنّف هو مذهب جماعة ، منهم الزمخشريّ في المفصّل وابن الحاجب وابن العلج ، وهو ظاهر كلام الفارسيّ في الإيضاح ، والجمهور على أنّها تكون مجارية له كمنطلق اللسان ومطمئنّ النفس وطاهر العرض ، وغير مجارية ، وهو الغالب في المبنيّة من الثلاثيّ ، نحو : ظريف وجميل. قالوا : والقول بأنّها لا تكون إلا غير مجارية مردود باتّفاقهم على أنّ منها قوله [من المديد] :
٦٢٩ ـ من صديق أو أخي ثقة |
|
أو عدّو شاحط دارا (١) |
بالشين المعجمة والحاء والطاء المهملتين بمعنى بعيد صفة مشبهة ، وهي مجارية ليشحط ، قال المراديّ : ولقائل أن يقول : إنّ طاهرا ومنطلقا ومطمئنّا ونحوها ممّا يجرى على المضارع اسماء فاعلين ، قصد بها الثبوت ، فعوملت معاملة الصفة المشبهة ، وليست بصفة مشبهة ، والاتّفاق المذكور إن صحّ فهو محمول على أنّ حكمه حكم الصفة المشبهة ، لأنّه قصد به الثبوت ، فلذا أطلقوا عليه صفة مشبهة ، انتهى.
تنبيه : تفترق الصفة المشبهة عن اسم الفاعل لأمور أخر :
منها أنّ منصوبها لا يتقدّم عليها بخلاف اسم الفاعل ، فإنّه يجوز تقديم منصوبه عليه ، نحو : زيد عمرا ضارب ، ولا يجوز زيد وجهه حسن بنصب وجهه.
__________________
(١) هو لعدي بن زيد. اللغة : شاحط : من الشحط وهو البعد.