القبح ، فتقول : هو أعلم من زيد يوم الأربعاء وأجهل منه يوم الخمسين ، وزيد أحسن من عمرو ، وعمرو أقبح من بكر.
«غير مصوغ منه أفعل لغير التفضيل» ويعبّر عن هذا بأن لا يدلّ على لون ولا عيب ، وما عبّر به المصنّف (ره) أولى ، لأنّه لا يبنى ممّا يدلّ على حلية أيضا ، فعبارتهم تحتاج إلى زيادة قيد ولا حلية كما نبّه عليه بعضهم.
«فلا يبنى من» غير فعل ، وشذّ هو أحنك البعيرين ، وهو أقمن به ، وألصّ من شظاظ ، صاغوا الأوّل من الحنك ، وهو اسم عين ، والمعنى أكلهما أي أشدّهما أكلا ، والثاني من القمن ، وهو الحقيق ، والثالث من اللص بمعنى السارق.
وشظاظ بكسر الشين وظائين معجمات اسم لصّ من بني ضبّة ، قاله في التصريح ، ثمّ انتقد الحكم لشذوذ الأخير المجزوم به في التصريح كغيره بأنّ ابن القطاع (١) نقل لا لصّ فعلا ، فقال يقال : لصّ ، إذا أخذ المال بخفية ، قال : فعلى هذا لا شذوذ فيه ، انتهى.
وقال بعضهم : وفي الحكم بشذوذ الأوّل أيضا نظر ، لأنّه يجوز أن يكون من أحنك الجراد الأرض ، إذا أكل ما عليها ، فيكون مثل أخصر من اختصر بحذف الزوائد ، انتهى. قلت : وهو كغسل الدم بالدم ، إذ هو على هذا التقدير شاذّ أيضا ، لكن شذوذه من جهة بنائه من غير الثلاثيّ.
ولا من فعل رباعيّ ، أي ما كان حروفه أربعة ، سواء كان كلّها أصولا ، أم بعضها زائدا ، كما هو مصطلح النحاة ، «نحو : دحرج و» انطلق ، إذ لا يمكن بناؤه منه ، لأنّه لو نقص لاختلّ ، ولو لم يحذف لزاد على بناء افعل ، وشذّ هذا الكلام أخصر من غيره ، بنوه من اختصر بالبناء للمفعول ، وهو أعطاهم للدراهم من أعطى ، وأولاهم للمعروف من أولى ، وأكرمهم للضيف من أكرم ، وهذا المكان أقفر من غيره من أقفر.
هذا مذهب جمهور البصريّين ، وجوزّ بعضهم بناءه من أفعل مطلقا ، وعزي إلى سيبويه ، وجزم به ابن مالك في التسهيل وفاقا له ، وصحّحه ابن هشام الخضراويّ ، وفصّل ابن عصفور بين أن تكون الهمزة للنقل كأعطى ، فلا يجوز ، وبين أن لا يكون للنقل ، فيجوز نحو : هذه الليلة أظلم من تلك الليلة ، وهذا المكان أقفر من ذلك المكان. قال ابن الحاج (٢) والرضيّ والشاطبيّ : وهذا التفضيل لا يعرفه نحويّ.
__________________
(١) أحمد بن محمد بن أحمد الأزديّ يعرف بابن الحاج قرأ على الشّلوبين وأمثاله. وله على كتاب سيبويه إملاء ، ومصنّف في علوم القوافي ، ومختصر خصائص ابن جنيّ ، وله حواش على سرّ الصناعة وعلى الإيضاح ومات سنة ٤٦٧ ه. بغية الوعاه ١ / ٣٩٥.
(٢) على بن جعفر بن محمد المعروف بابن القطاع الصقلي ، كان إمام وقته بمصر في علم العربية وفنون الأدب ، صنف : الأفعال ، أبنية الاسماء و... مات سنه ٥١٥ ه ، المصدر السابق ٢ / ١٥٤.